إذا افترضنا أن كل الأمثال المتواترة الينا بتعاقب الأجيال لها مواقف ومعانٍ محددة، فإنني بكل صدق وجدية، أود أن أعرف بالتحديد السبب الحقيقي وراء عدة أمثال، حتى لا أسرح بخيالي في احتمالات قد تكون أبعد أو أقرب ما تكون عن الحقيقة، ولكنها يمكن أن تتماشى مع معنى المثل..أتخيل مثلاً(الرشاقة الكتلت إِشراقة).. تحتمل ثلاثة معاني، وربما أكثر، لكنني أكتفي بثلاثة لدواعٍ مقالية..فهل كانت اشراقة فتاة سمينة جميلة الملامح... طويلة الشعر.. أحبت شاباً فارع الطول، اشترط لزواجها أن تنقص وزنها أكثر من النصف.. ومن ثم أسرعت اشراقة إلى الصالة الرياضية، واستهلكت في اليوم عشرة سعرات حرارية، من أصل ألف، فماتت مأسوفاً على رشاقتها!. أم أن اشراقة خفيفة الظل بتقول أي كلام في أية حتة، و(هظرت) مع زوجة غيورة بأنها ستتزوج زوجها، فأذابت لها الصبغة في القهوة، فماتت جراء (هظارها) في أشياء لا تحتمل الرشاقة..!. أو ربما كانت اشراقة رشيقة الحركة، مشهورة بالخفة والسرعة والشلاقة.. وفي وقفة العيد- وكل الناس على عجل و(زهجانين) من الزحمة- فكت يدها من أختها وأسرعت على الأسفلت لقطع الشارع، ولتظهر رشاقتها (البدون بنزين) فإذا بشاب نزق مفحط بالعربية حين حانت الفرصة لينهي أسطورة الرشاقة..أما المثل الثاني الملفوف بكثير من (الخباثة الرجالية)، مغلفة بورق سولوفان هو (أن المرأة تبكي بدموع التماسيح)، فلا أعرف حتى الآن لماذا الصقت بالتماسيح تهمة أن دموعها تمثيلية، وهل للتماسيح دموع ومشاعر حقيقية؟!! هل المثل يحتمل بعض التأويلات؟..فهل اتفقت كل التماسيح على جريمة تمساحية بقتل أحد التماسيح المسكينة؟ وبعد تنفيذ الخطة وقتل التمساح وبطرقة درامية بكى منفذوا الجريمة بمسح عيونهم بماء البحر!.أم أن وجود التماسيح في الماء بصفة شبه دائمة يجعل في عيونها بقايا مياه يحسبها الناظر ماء فتخالها دموعاً كذابة.. أو ربما أن عيون التماسيح صلبة جامدة ليس فيها غدد دمعية، وعندما تحصل لها مصيبة تبكي بالنهنهة فقط وبلا دموع..!!المثل الثالث لماذا قيل (باب النجار مخلع).. ولماذا ينخلع الباب أصلاً.. هل لأن النجار لا يملك مسامير وشاكوش في المنزل أصلاً لتصليحه.. أم أن الباب حديد، ولا وقت لديه لجلب لحام.. وقد يكون مصاباً بصداع مزمن من عملية الطرق والنشر، يرفض بموجبه بعد العودة للمنزل تصليح أي شئ.. السؤال لماذا النجار بالذات؟ فإن كان الغرض أن صاحب المهنة لا تجد آثارها عنده فلما لا نقول: الدكتور عيان.. المحامي مظلوم.. رئيس الخزنة والحسابات مفلس... مدير البنك مديون.. الجزار عنده قاوت.. المدرس مرته جاهلة وأولاده بلدة.. وكفاية لحد كده، فلو حاولنا تعداد المتناقضات في الدنيا، فإننا نحتاج لأكثر من جريدة.. ورئيس التحرير ما عنده غير جريدة!!.