سعدت جداً للكارتير المقال، الذي كتبه الفنان المبدع، فارس، بصحيفة (آخر لحظة) قبل أيام، والذي تساءل فيه: هل انضم وردي للحركة الشعبية، أم انضمت الحركة لوردي؟ فالسؤال الذي طرحه، سؤال مشروع، ويمكن أن نضيف إليه: هل أَنهى وردي وده مع الوطني؟ فالرجل عقب زراعة كلية له في الدوحة، وبعد انتقاله من منزل الكلاكلة إلى أرقى أحياء الخرطوم، ترك مهاجمة الإنقاذ، واكتفى بمهاجمة ابنه عبد الوهاب، من خلال أجهزة الإعلام مراراً.. وقيل، والعهدة على الرواة: إنه قال في جلسة ليلية غنى فيها، لقيادات من أهل الإنقاذ، عندما وصل الطرب منتهاه: (والله لو كنت عارفكم كده، ما ضيعت السنين الطويلة في المهاجر)، ثم ظل وردي بعدها حاضراً في كل احتفالات الإنقاذ، بل شاهدناه في منتهى السعادة بتكريم رئاسة الجمهورية له، ثم بتكريم جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ولم يبتعد عن الحكومة أو تبتعد هي عنه، هكذا كانت تقول الشواهد والمشاهد، حتى اعتقدنا أنه قد صار مؤتمر وطني درجة أولى مثل حمد الريح، وعبد القادر سالم، ولكنه انقلب على الوطني مع بداية حملات الانتخابات، مثلما تخلى عن الحزب الشيوعي الذي سانده في بداية عهد مايو الشمولي، وغنى له: فيك يا مايو الخلاص، وجيتنا وفيك ملامحنا، ثم انقلب عليها، ليتجه مؤخراً نحو عرمان، تاركاً ومبتعداً عن المؤتمر الوطني، ليقترب من الحركة الشعبية، مما يؤكد أن وردي في السياسة سريع التمرد والانقلاب، فهو الذي غنى للنميري: يا حارسنا وفارسنا.. وبيتنا ومدارسنا.. ثم سرعان ما انقلب ليقف أمام الجمهور مغنياً: لا حارسنا ولا فارسنا.. ومن هنا نقول، من باب المحبة، لوردي الذي يحبه الملايين، لفنه الرفيع، الذي جعلهم ينقشونه في دواخلهم، فناناً زان دواخلهم بالدرر، أتمنى أن يبقى في ملعب الفن الذي يمتلك فيه أدوات السحر، ويعرف كلمة السر لقلوب الناس، أما السياسة ففي بلادنا سياسيون كثر على عكس وردي الفنان الذي هو الأمبراطور في مجاله، ولا نريده أن يخصم من رصيده شيئاً، بالهتاف لعرمان، الذي لن يفوز بالرئاسة بمنطق المعطيات، والذي يعدّ أي رهان عليه رهاناً خاسراً، فهيا أستاذنا وردي، اختم مسيرتك بالغناء للقيم التي تعلي من الوحدة، والسلام، والحب، وتقف ضد الاستعمار وأذياله.. إننا نحتاجك مغنياً ينافس نفسه، ودع ميادين العكّ السياسي التي جعلت من عرمان مرشحاً للرئاسة في الانتخابات الوشيكة، وسجلت في سيرة السباح كيجاب، بأنه كان مرشح الرئاسة في السابقة!!