في بواكير عهد حكومة الإنقاذ الوطني.. زارني بمنزلي عصر أحد الأيام.. وفد من قيادات الحركة الإسلامية بالمنطقة.. عارضين على شخصي الانضمام لتنظيمهم الذي كان يسعى جاهداً آنذاك لتدعيم قاعدته واستقطاب منسوبي الأحزاب المحظورة المغضوب عليها في ذلك الوقت. رحبت بالوفد وشكرتهم على زيارتهم الكريمة وحسن الثقة التي طوقوني بها، إلا أنني فاجأتهم بما لم يكن يدور بأذهانهم.. وقلت لهم بالحرف.. والله على ما أقوله شهيد.. يا سادة يا كرام في نفس هذا المكان الذي تجلسون عليه الآن وفي منتصف الستينيات وأنا لم أزل شافعاً يافعاً.. وقف أمامي الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري رئيس مجلس السيادة وزعيم الحزب الإتحادي ليعزيني في وفاة والدي عليه الرحمة والذي كان من قيادات الحزب بالجزيرة.. ولن أنسى مهما نسيت كلمات الزعيم الراحل وهو يشد على يدي مودعاً: نحن واثقون يا ابني أنك ستسير على نهج والدك في رحاب الحزب الإتحادي.. واختتمت حديثي بسؤال وجهته للوفد: هل يمكن بالله عليكم وعلى خلفية هذا الوفاء أن أبدل انتمائي. أنصرف الوفد على قناعة بصعوبة إقتلاع جذوري الإتحادية التي ظللت متمسكاً بها حتى يومنا هذا.. إلا أنني اليوم أجد نفسي مجبراً على أن استأذن الزعيم الأزهري وهو في مرقده ليأذن لي هذه المرة فقط بالتغريد خارج السرب الإتحادي مناصراً لمرشح المؤتمر الوطني.. ومعلناً تأييدي المطلق لزينة شباب الوطن وممثل الرياضيين السيد جمال الوالي بدائرة مدني الشمالية الغربية.. وهو على كل حال إتحادي المنبت. وجمال الوالي حقيقة وليس تزلفاً.. فما تعودنا والله (حرق البخور)، هو رجل تتشرف به هذه المدينة، خاصة أنه من الكوادر الشابة التي نبني عليها آمالاً عراضاً في مستقبل العمل السياسي عوضاً عن بعض الديناصورات الذين جثموا على صدر السياسة في وطننا من سنة (دو) وحتى يومنا هذا.. فلا أصلحوا البلاد ولا أفادوا العباد. وجمال رجل محبوب ومحترم.. يفيض كالسلسبيل تواضعاً وتهذيباً.. ويتدفق أنهاراً عذبة من الإنسانية وأعمال البر والخير.. وهو من القيادات الرياضية التي يحترمها الأهلة ويعشقها المريخاب كما تهواه جماهير سيد الأتيام ولا تنسى ميوله الأهلاوية في ريعان صباه حينما كان متيماً بالأهلي ويحرص على حضور مبارياته ويهتف مع جهموره (أهلينا يا أرجنتينا).. ويردد مع عشاقه (تيت تيت الأهلي حديد). ولجمال الوالي موقف مشرف لن ينساه له الإعلاميون بودمدني أبداً عند وفاة فقيدنا الرمز الإعلامي الكبير المرحوم بكري نور الدائم.. حينما افتقدنا عند تشييع جثمانه والى الجزيرة السابق الذي لم يكلف نفسه حتى عناء تقديم واجب العزاء لأسرة وزملاء أحد عمالقة الإعلام بولايته.. ولكن فوجئنا في سرادق العزاء بحضور الوالي الآخر (جمال الوالي).. ويشهد الله ألا صلة تربطه بالفقيد أو بنا ولم يلتقه المرحوم يوماً ولا نحن.. ومع ذلك ركل أعماله وضحى بمشغولياته وتكبد مشاق السفر لتعزية أسرة الفقيد ومواساتنا.. فيا له من رجل. تبقت حقيقة أخيرة يجب أن تقال وهي أن جمال الوالي لا يحتاج في ودمدني لحملات تعبئة أو ندوات سياسية أو لقاءات جماهيرية ولا حتى لملصقات ولافتات.. لأن أهل ودمدني لا يكذبون وهم صادقون في حبهم ولا يجاملون ولسان حالهم يقول: لن نوالي جمال الوالي فحسب، بل سنحمله على أكفنا حتى يتوج ببطولة دائرة مدني الشمالية الغربية. آخر السطور: إذا كان الحكم الفاضل أبو شنب وبشهادة غلاة الأهلة، قد داس على مباديء العدالة عياناً بياناً ونحر الأفيال بسكين الظلم أمام الهلال.. فما بال سكرتيره صلاح أحمد محمد صالح وهو يدافع عنه زوراً ويؤكد بأنه لم يرتكب أخطاء.. وحقيقة إذا كان رب البيت...