الرسالة التي ننشرها اليوم في «الإضاءات» تتناول حالة خاصة تتعلق بشخص فرد جار عليه الزمان، وذلك خلافاً لنهج «الإضاءات» الذي يتوخى شمول القضايا وينأى عن «المعالجات الفردية»، لكن بُعدين مؤثرين جعلا لرسالة الأستاذ «عثمان الوجيه» أهميةً استثنائيةً عندي، ودفعاني لطرحها على القراء. البعد الأول هو النموذج الإنساني الرائع والمثال الذي يقدمه سلوك السيد عثمان الوجيه في اهتمام الإنسان بأخيه الإنسان، فقط لكونه إنساناً، دونما اعتبارات للقرابة أو العشيرة أو الجهة، نموذج التعاطف الإنساني المجرد.. والثاني هو سعيه وجهده المتصل لدى مختلف الجهات الرسمية المنوط بها قضية الرعاية الاجتماعية، وهو سعي انتهى إلى الفشل والإحباط الكامل من أسف، بما يعني أن على كل من تنتهي به مسيرة الحياة إلى ما آل إليه حال السيد «أزرق» وأسرته، أن «ياكل ناره» ويمسك «أقرب حيطة» ويشبع بكاءً ويرتوي بدمعه الهطال.. فلا حول ولا قوة إلاّ بالله.. ولنطالع الرسالة: فى ذمة الرقم الصحفي الأستاذ/ طه النعمان كاتب عمود «إضاءات»، مع التحيه.. أما آن الأوان للالتفات لمن كتبتُم من أجلهم، ودمتم لخدمة بلاط صاحبة الجلالة. إنني لم ولن أتوانى لحظة فى تحريك القلوب المتحجرة بل وبعض الحجارة يخرج منها الماء الزلال، وإلاّ ففسروا لي ما يجري أمام عينيَّ فلم أجد له أي إجابة لأكثر من الشهرين ويزيد. ففي رمضان الماضي سبق وأن بعثت لكم بالموضوع أدناه ولكن مشغولياتكم كانت أكبر!!! وتبرئةً لذمتي أدفع به لكم مجدداً وأترككم وضميركم بعد أن وضعته في ذمتكم، فالهدف تكملة الرسالة ليس إلّا... ومازالت دموع أزرق تجري، وهذه أنسب مقدمه أدفع بها إليكم بعد أن عجزت عن تقديم شيء للرجل الذى توسم فيَّ خيراً، حيث أُتي به إلى مكتبي غرة رمضان الماضي محمولا على أحدهم «لأنه رجل فى السبعين من عمره شبه مشلول»، وكان قد طالع لي بعض المقالات التي أدفع بها بين الفينة والأخرى للصحف السودانية السيارة، فتوسم فيَّ الخير لأعرض مأساته للرأي العام ليسهم في حلها، وها أنذا وتبرئةً لذمتي أدفع بالموضوع لجميع رؤساء تحرير الصحف السودانية السيارة - غض النظر عن كوني تشرّفت بالكتابة فيها أم لا - ولبعض كتاب الأعمدة الراتبة ممن وثقت بهم، لأنني الآن لا أملك مساحة تخصني لأستغلها، وليتبارى الجميع وليتسابق للمساهمة في حل المسألة بالطريقة التي تراها الصحيفة والصحفي مناسبة بحسب أسلوب العرض والمساحة، واليوم فإن المسؤولية جماعية وكلنا يريد أن يقدم ما يشفع له في الصراط المستقيم... فأزرق سادتي - وهذا اسمه الثالث - رجل في العقد السابع من العمر، من مواليد أمدرمان، كان يعمل طباخاً للمناسبات العامة والخاصة، متزوج وأب لثلاثة أبناء، أكبرهم طالب اقتصاد وعلوم سياسية بجامعة النيلين، وأصغرهم طالب علوم سياسية ودراسات إستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، بينما البنت الوسطى تزوجت بعد رحيل والدتها للدار الآخرة، وكانت الأسرة مجتمعة فى أحد المنازل فى دار السلام بأمبدة حيث يسكنون هناك، ليتهاوى سقف المنزل على الوالد في خريف العام قبل الماضي، ليتم إسعافه إلى مستشفيات أمبدة النموذجى ثم أمدرمان التعليمي ثم بحري التعليمي ثم الخرطوم التعليمي ثم الشعب التخصصي، ومن ثم ليتحول إلى مستشفى التجاني الماحي للطب النفسي والعصبي، تحت إشراف الدكتور حمد إبراهيم ومتابعة البروفيسر سيد إبراهيم السيد، ليخرج من جميع المستشفيات لضيق ذات اليد والحاجة والفقر والعوز والفاقة والعدم، ولم يستطع التداوي لأن جيبه خاوي، فقام أبناؤه آخر الأمر ببيع المنزل الذي ورثوه أبا عن جد، ولكن لم تنتهِ مطالب العلاج فأصرت البنت على شقيقيها أن يقيما معها فى منزل زوجها - وهو منزل مستأجر وبه غرفة واحدة فقط - حتى يتمكنا من مواصلة تعليمهما، ليُترك الوالد وحيداً في مجابهة الحياة، وتحت هذا الظرف الصحي والنفسي الحرج والعصيب.. فتجده فى برندات المحلات التجارية ومظلات المساجد نائماً وتجده أمام المطاعم والكافتريات والبقالات متسولاً الأكل، ولكنه ليس لديه عنوان أو حتى أي مكان يستريح عليه نهاراً... وينام فية ليلاً... ويضع عليه أمتعته وحاجاته... ويأكل ويشرب... ويقضي حاجته... أو يغسل ويكوي... هندامه الواحد الرث المهترئ.. ولا أحد يسأل عن العلاج... فلابد أن أقول - دون منٍّ أو أذى، لأن ما فعلته أطلب مكافأته ممن اكتنز الأرض وما عليها ولا نقص الأجر - الآن أقول إنه ضيفي ومنذ غرة رمضان الماضي، رغم أنني لا أملك منزلاً بالعاصمة القومية ولا حتى مستأجر وأنا نفسي مستضاف، إلاّ أنني استضفته فى أحد لوكوندات سوق ليبيا... والتزمت لصاحب اللكوندة بسداد إيجار السرير الذي ينام عليه، ويومياً ومن المطعم المرفق التزمت لصاحبه بسداد وجبة يومياً إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وليبرز السوال: هل وجبة واحدة فقط كافية لرجل في السبعين من عمره؟؟.. وتحت المرض؟؟... وبعد أن تخلى عنه الجميع؟؟... ولم ولن نسأل عن دور العجزة والمسنين... طالما أن دار المايقوما... على مشارف الإغلاق!!... ومتى ما تعثرت أنا عن السداد لصاحبي اللكوندة والمطعم فهل سيتركانه... أم أن الموقف سيتأزم أكثر.. إن المثل يقول: «لا تعطني كل يوم سمكة بل علمني كيف أصطاد السمك»، ومن باب أنه لديه خبرة فى الطهي «داخل وخارج السودان» ومستقبل ابنيه فى الجامعات، حاولت جاهداً البحث له عن مصدر آخر ليجد فيه ما يسد به حاجته ويجابه به العدم ليتمكن من مواصلة علاجه... إلاّ أن الأطباء قرروا له إجراء رنين ميغناطيسي لأربع مواقع في جسمه وهي: الرأس والعنق والظهر والأرداف.. ومعلوم أن تكلفة الرنين الميغناطيسي للموقع الواحد هي «350ج» أى أن التكلفة الكلية هي «1400ج»، ولما لم يجد من يسهم تأزم موقفه أكثر حيث قُررت له حقنة انزلاق قضروفي عاجلة وتكلفتها «800ج»، ثم طُلب منه أيضا أشعة مقطعية وكاملة ورسما قلب ومخ.. وتقول الفواتير المبدئية إن التكلفة زهاء «2800ج» ليكون جمله المبلغ زهاء «خمسة آلاف جنيه»، فمن أين لي بها وكنت صادقاً في أن أبحث عن اهله - المجبورين عليه - فلم أجدهم، ويئست بعد أن قال لي أبناؤه إنهم ليس لديهم عائل مجبور، فذهبت لإحدى معارفي بالمجلس الوطني لتحيلني بأوراق الرجل إلى سامية أحمد محمد وزيرة الرعاية والتنمية الاجتماعية، ليحيلني مدير مكتبها بأوراق الرجل إلى البروفيسر عبد القادر الفادني أمين عام ديوان الزكاة الاتحادي، لتبدأ بيروقراطية جديدة وموّال أطول مابين الاتحادي والولائي والمحلي ومجالس الأحياء، ومع استخراج الفواتير والروشيتات.. ولأكثر من الشهر اكتشفت أن بنود ديوان الزكاة الثمانية ليس بها أي بند للسكن، وأن أي علاج خارج مظلة التأمين ليس للديوان دخل فيه... ولن أزيد!!! ... فذهبت بأوراق الرجل للصحف وبالفعل تم نشره من قبل في صحف - الحرة، السوداني وأجراس الحرية - في بداية رمضان ولكن!!!... لن أقول غير أن الحال من بعضه، وما دفعنى للجوء إليكم هو ما دفع غيري للإحجام، فالتحية للآنسة منى بالفتيحاب م 15 وجعل الله لها البركة في العشرة جنيهات التى ساهمت بها، مع العلم بأنها الوحيدة التي تجاوبت مع الموضوع، لذلك أعود وبنفس الموضوع والمسالة أكبر، فلذلك تروني أردد قول الكرار: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته بسيفي هذا»، وأردف من عندي: قاتل الله الفقر الذي وقف أمامي عائقاً وجعلني أبحث عن من يشاركني الأجر عبر الصحف.. عليه فكل من يرغب في مقابلة الرجل أو الاطلاع على أوراقه العلاجية أو المساهمة والمشاركة في علاجه، فستجدونه معي بمكتبي بأمدرمان - السوق شارع الإرساليه فى أعمال الوجيه للإعلان والإعلام.. أو عبر بريدي الإلكتروني وأرقام هواتفي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته \0906066333- 0128012017 ولابد أن أذكر بقوله «ص»:(ليس منا من بات شبعاناً وجاره جائع وهو يعلم)، ولكي لا يتبرأ منكم الرسول الكريم هبوا لنجدة أزرق.. وأقول للجميع: لتتساءلوا الآن بماذا فطر أو تغدى أو تعشى اليوم؟؟ وماذا شرب أساخناً كان أم بارداً؟؟ ومن أي مرض يعاني؟؟ وهل هناك أمل في علاجه أم لا؟؟ وماذا لو كانت مساهمة كل من قرأ هذه الأسطر بالقدر الذي يستطيع؟؟ وإيد على إيد تجدع بعيد... ودمتم عثمان الوجيه كاتب صحفي- أمدرمان