أمس رجعت إلى المنزل في الساعات الأولى من الصباح مهموماً متعباً حزيناً. هكذا الحال كل يوم مع مهنة النكد والبحث عن المتاعب. ü ولكن -أحياناً- تزداد الحالة سوءً عندما تقترن بحادث أليم ومفجع مثل الرحيل المفاجئ للاعب المريخ إيداهور. ü نحن نظل نعالج الحدث بجانبه المهني ونلاحق «المصور» و«المحرر» و«المصمم» ونلهث وراء الخبر والصورة للذين ينتظرونا في الصباح الباكر لنقدّم لهم هذه الخدمة المتعبة المرهقة. ü نظل نعترص الآلالم ونحبس الدمعات ونبرّد الأعصاب حتى نستطيع أن نؤدي عملنا شأننا شأن الطبيب الذي يعالج الجروح والآلام ب«المباضع» و«المشارط» وغيرها من أدوات الحجرة. ü جلسنا أنا وأسعد حسن ويس عثمان وسامي ابراهيم وبقية طاقم الصحيفة المساهر حتي أفلحنا في إلحاق صفحة الرياضة الحزينة ببقية الصفحات التي تسابقت عبر ال (B.D.F) نحو المطبعة. ü في الطريق والليل حزين طفقت في استرجاع الصور- التي ثبتناها خلفنا في الصفحات-، الفاجعة والمحزنة ورحيل إيداهور مأساوي ومفاجئ ولكن الموت حق والحياة باطلة ولكنني توقفت - وأنا بعيد نسبياً عن الوسط الرياضي - عند ثلاث صور لسيدة سودانية وشاب سوداني يبكيان بحرقة وألم شديدين!! وصورة أخرى لأحد إداري المريخ وهو في لحظة انهيار كامل داخل المستطيل الأخضر - كم هو حزين ومسكين وأصيل هذا الشعب السوداني!! مشاعر الناس في الإستاد وفي المستشفى والمرابطة الطويلة داخل النادي والجموع الغفيرة داخل النادي كل هذه المفردات الإنسانية تؤكد أصالة هذا الشعب وتفرده. üيمضي الليل والخواطر مع أزيز السيارة حتى أصل البيت. ü مع كل هذه المشاعر أجد أمامي في المنزل سهرة في قناة النيل الأزرق تضم أزهري محمد علي و«القدال» وجمال حسن سعيد والطيب مدّثر يتحدثون في زاوية أخرى ولكنها قريبة من مشاعر هذا الشعب المترعة بالحزن والإنسانية والجمال «وكوني النجمة» ومصطفى سيد أحمد والشجن الأليم. أزهري محمد علي تحدث عن السجان الذي تنازل له عن سريره في المعتقل السياسي بالحصاحيصا في السرير وجد الكلاشنكوف فقال لسجانه ماذا لو أطلقت النار عليك فقال له السجان: أنا على ثقة أنك لن تفعل، أزهري قال له إذن لماذا تعتقلونا إذا لم نشكل عليكم خطراً؟ وبدأ حضور الحلقة يتحدثون عن ميزات هذا الشعب وانفصال السياسيين عن واقعه الأمر الذي اعطاني بعضاً من الراحة والارتياح هل هذه القصة «مشاترة» هنا لا أظن!! فالحزن هو الحزن ويظل الأمل دائماً في أن يودع هذا الشعب السوداني حالات الحزن والبكاء ودعوني أقول نحن شعب طيب و«مسكين» بكل ما تحمل الكلمة الأخيرة من معاني ورحم الله إيداهور الذي بكاه الشعب السوداني بصدق وحزن وهما مفردتان تدلان على النبل ولا شيء سواه.