هذه المرة صحفية تدخل علينا بكلام عجب .. تدعى أنها تعالج السرطان وعدداً من الأمراض ب « الموية» وتضيف حديثاً أكثر عجباً أن إسم الجلالة ظهر فى أجزاء من جسدها .. إنتهى الخبر الذى تناقلته الصحافة السودانية فى الأيام الفائتة .عادت بى الذاكرة الى ذكريات أليمة عاشها شعب السودان .. تذكرت « مودة » الطفلة التى حملها والداها الى قرية بوسط الجزيرة للشفاء، فعادا بها جثة هامدة فتعالت أصوات تنتحب من داخل صدور رفيقاتها اللائى إنتظرنها على أمل ، وتدلت دمعات حرى على خدودهن الغضة وهن يدركن إستحالة اللقاء من جديد بمودة .. و تذكرت كذلك ضحايا أخرون تبيانت أعراضُ أمراضهم التى لا يداويها إلا دواء واحد هو « الكى » فتسممت دماء غزيرة ، وُبترت أعضاء عزيزة وأنتكست أمال وأحلام فى الحياة بعد أن نهضت داخل قلوب أحبّت الحياة رغم شِدة المرض ... وقبل شهور بدأت هجرة الألاف الى قرية فى كردفان بطلها هذه المرة طفل عمره أثنى عشر سنة، يدعى من هم حوله أنه يعالج السكرى ب « موية » عليها سكر وكذلك يعالج أمراض أخرى. هكذا تتكرر هذه الحوادث مرة تلو مرة ، والضحايا بالمئات ،أما أبطال هذه الأفلام فإنهم يكنزون المليارات من الجنيهات ، و لا أحد يحرك ساكناً تجاهم . على الجهات المعنية داخل الدولة تحريك إجراءات سريعة وفتح ملف للتحقيق فى هذه الأحداث وإن مضت سنوات على بعضها لاسيما وأنهم تركوا ما أدعوه وفشلت نبؤاتهم ورؤياهم التى خرجوا بها على الناس .. يجب على الدولة معرفة عدد الضحايا وحقيقة مايدعيه هؤلاء و زنة كل ذلك فقهياً وعلمياً، لاسيما وأن مجتمعنا هش البنية ،يتراجع الوعى بشكل مذهل لافرق فى ذلك بين متعلم وأمي ، و نحن نعلم رجالاً لهم وزنهم السياسى والثقافي والإجتماعي يهرولون فى هذه المسرحيات السيئة الإخراج ... أعلم أن هناك معتمد لإحدى المحليات ظل « يبرطع » ومعه « البطل » ما أن يخرج به من مسؤول إلا و يدخل به الى أخر وكأنه قد أتاهم بالشفاء الكامل ... « تخيلوا »... نلوم منو ولاّ نلوم منو ؟ .. البطل أم المعتمد أم المسؤول الكبير ... هذا هو شعبنا ، مهما بلغ الواحد منا مابلغ قد يكون صغيراً وحقيراً مثله مثل العشرات الذين يرددون« ماسورة» داخل صحافتنا الرياضية ... هذه مسائل لا تحتمل التعامل المتساهل الذى يحدث الأن ، لأنها تتعلق بسلامتنا فى أجسادنا وفى عقائدنا و«مافى »أهم من ذلك .هذا الأمر ليس من جهةٍ واحدة تتحمل مسؤوليته ، ولذلك تتفرق بين المؤسسات ،ومن هذا الباب يلجُ إلينا هؤلاء الدجالون ، ويلجُ أخرون فى مسائل أخرى لأننا أمة لاتحسن « لملمة » التفاصيل وذلك لغياب المطبخ السياسى والرياضى والإجتماعي والثقافي وهكذا دواليك ..