ما أريد أن أتحدث عنه اليوم ليس حديثاً أكاديمياً، ولكنه وثيق الصلة بتطورات اللحظة الراهنة التي يعيشها السودان تحت رايات الحلم المشروع (الإنتخابات)، ومن ثم يتحتم علينا أن نقرأ ونسمع تصريحات المرشحين وأن نصدر الأحكام بشأنها من خلال الفهم الصحيح. وبرغم أهمية المناسبة ودلالاتهاوفي مقدمتها أن السودان قادر علي مساعدة أبنائه في كل الأوقات وفي مختلف الظروف والانتخابات أعطت بعداً تاريخياً جديداً للسودان، والشعب السوداني هو القادر في نهاية الأمر علي عبور أزماته بأقل قدر من الخسائر وتهيئة المناخ لتنمية حقيقية ومواجهة فاعلة لمشكلات طال أمدها في المنطقة والمسألة في النهاية وفي الأول والآخر هي منهج التفكير في قضايا الوطن، وفي الحقيقة من أجل بناء وطن مستقر، ومن أجل بناء سودان بلد للزراعة والصناعة.. إلخ معاً ، وطن يحافظ على هويته ودوره في محيطه وعالمه، وطن يعمل للسلام، وطن يواصل النمو والتطور رغم أزماته الداخلية والخارجية، وطن قادر على حماية أبنائه ومواطنيه في كل المجالات. الأمن السياسي يرتبط إرتباطاً وثيقاً بدرجة تحقيق الأهداف، سواء كانت سياسية أو غيرها، كقضايا التنمية والإصلاح، وتحقيق النهضة والبناء الحضارة وحماية الوجود القومي، والقدرة على الدفاع وتهيئة الأجواء لتحقيق الغايات..إلخ، والحذو نحو هذا الإتجاه يحرك كل العوامل والمكونات للأمن السياسي، وأهم النتائج هي درجة الالتفاف السياسي مع النظام، وهو الأمر الذي يؤدى لتماسك الجبهة الداخلية، والتي تقف سداً منيعاً أمام مهددات الأمن القومي لأى بلد في شتى المجالات. القوى السياسية السودانية الحزبية المتعددة فشلت في تحقيق الأمن السياسي السوداني، وظهر ذلك في انعدام عوامل الإستقرار السياسي، وضعف فعالية هيكلها السياسي، والإرادة الوطنية المقسمة، مما يعرض القدرات السودانية للإنهاك والتخريب والأهمال، ويزيد الخطر الداخلي والخارجي يوماً بعد يوم ... إلخ. وأحسب انه من الواجب،بل والضروري،أن نشير هنا إلي أن هناك جهداً كبيراً،وعملاً ضخماً تمَّ إنجازه بالفعل في السودان خلال السنوات الماضية،وأنه سبق ذلك إنجاز هائل في البنية الأساسية من طرق، وكباري،واتصالات،ومياه الشرب،وغيرها،وغيرها،ولعل البعض منا لايزال يذكر كيف كانت البنية الأساسية السودانية في الماضي،وكيف كان من الصعب الاتصال التليفوني من السودان بأي دولة من دول العالم،بل وأيضاً صعوبة الاتصال بين القرى ومحافظاتها بل وكذلك صعوبة الاتصالات التليفونية داخل الخرطوم وهذا مجرد مثال فقط لا غير يتبوأ السودان - بفضل الله - مكانةً متميزةً بين دول العالم تحتم عليه العمل- من خلال هذه المكانة- على ترسيخ الاستقرار السياسي، لما لذلك من آثار إيجابية وتحقيق الأمان المنشود، بعيداً عن مزايدات الحاسدين والمغرضين، وما نرجوه من أبناء هذه الوطن بمختلف فئاتهم وشرائحهم ذكورهم وإناثهم.. وقوفهم مخلصين (قلباً وقالباً) مع ولاة الأمر بقلوبهم التي تنبض بالحب والوفاء والعرفان لهذا الوطن وقادته الكرام. ومن حقنا أن نختلف فيما بيننا إلى أقصى الدرجات، وبشأن مختلف القضايا، لأن ذلك يمثل إحدى علامات الصحة والحيوية للمجتمع، ولكن الذي لا يجوز هو أن يتحول الخلاف في الرأي إلى تراشق مهين، وتنابذ فج، وتطاول جارح! بل إن هذا الحق في الاختلاف لا يقتصر على الوسائل والآليات، التي تحقق الأهداف المرجوة فحسب، وإنما من حقنا أيضاً أن نختلف حول الوسائل التي نؤسس عليها أهدافنا ومقاصدنا، ولكن الذي ليس من حق أحد أن يتطاول على غيره أو يسخر منه، بإدعاء الحق والمشروعية في إمتلاك الرؤية الصحيحة دون غيره. والطريق إلى الترشيح للمناصب لا تكون باللف والدوران حول متاهات كثيرة، والمناصب ليست أسماء رنانة، ولا جوائز وأوسمة ونياشين، ترشح أصحابها لهذا العمل التنفيذي الكبير وينطبق ذلك على كل الأسماء التي تطرحتها الأحزاب.. ومع ترشيح الأحزاب لبعض الأسماء المشهورة، وبعض أصحاب الخيالات المريضة، والذين يطمعون في الحصول على بعض المناصب، لكى يتم تداول أسمائهم كمرشحين، رغم أنهم لا يملكون رصيداً سوى الهجوم وإهالة التراب، وتشويه إنجازات شعب يرفض مهاتراتهم ويعرف حقيقة أطماعهم واحلام اليقظة التي غرقوا فيها. الذي يريد أن يحكمنا حقاً وصدقاً وعدلاً عليه إبتداءً في تقديري أن يتجرد من العمى الحزبي والعداء الشخصي، والهوى النفسي، ويقفز لرحاب التجربة بمنتهى النزاهة والموضوعية، ليعدد ويتلمس ماكسبه الشعب السوداني على مختلف الأصعدة المعنوية، والمادية المرتبطة بحياته ورسالته ومسيرته وتنميته ومعيشته وكرامته. ونحتاج إلى مَن يؤسس بنيان المعنويات على تفجير قيم سودانية أصيلة ممتزجة بالإنسان السوداني، وإلى إنسان لا يبدد الموارد، ولكن يعيد تصنيعها بأشكال عصرية متجددة تصنع للمواطن السودانى سلعاً، وخدمات وأسواق محلية وإقليمية بل عالمية .. ونحتاج إلى شعب متعاون يعمل بروح الجماعة، ونحتاج لمن يقوي التماسك السياسي للجبهة الداخلية، لآن إضعافها يغري التدخل الأجنبي، وحكومة تقود ولا تعوق ولا تسيطر إلا بالقانون والعدل، وتواجه الكثير من الصعاب. وسأكون في قمة السعادة عندما يتم ترشيح من نفتخر به، ونعتز جميعاً بإسهاماته وله أسلوبه العلمى ومكانته المرموقة، ومن تطور النمو الإقتصادي القوى والمؤثر، ومن يتطلع نحو التقدم وصناعة مجتمع متطور، وذو رؤية ثاقبة لتغيير طريقة التفكير... وصاحب عقل لا يصنع الأزمات بل يتجه إلى حلها، وعقل رشيد لا يتوقف عن النمو والتحصيل ويرفع كفاءته ليتواكب مع المتغيرات الصعبة في النمو والتطور. الانتخابات فرصة وطنية ذهبية، سيندم الشعب السوداني لو أفلتت من يديه، وسيندم لو فاتتهم المشاركة فيها، بالطبع كل حسب آرائه السياسية ومواقفه، فالوطنية ليست حكراً على هذا الاتجاه أو ذاك، والمهم هو التوجه المخلص نحو تحديث الوطن، ودفع ما يعرف بالأغلبية الصامتة إلى الحركة الإيجابية.. (بكره ياقلبى الحزين تلقى السعادة .. تبقى هانى وإبتسامتك مضاءة .. والسرور يملأ دربى ويبقى رادا .. وعينى تشبع نوم بعد ما طال سهادا .. وأنسى غلبى والرياحين تملأ دربى..إلخ).