صالة إسباير الدولية المغلقة، بالدوحة، عاصمة قطر، كانت مسرحاً لمونديال ألعاب القوى، داخل الصالات المغلقة، وقد تنافست (147دولة) علي ميدالياتها الذهبية، والفضية، والبرونزية، فحققت الولاياتالمتحدةالأمريكية المركز الأول، وأحرز السودان المركز الرابع عشر من بين مائة وسبعة وأربعين دولة.. وحاز العرب مجتمعين على ميدالية ذهبية واحدة، حيث أحرز العداء السوداني أبوبكر عبد الله كاكي المركز الأول(عالمياً) في سباق(800 متر) وتحدث البطل من استديوهات قناة الجزيرة الأخبارية حديثاً عفوياً صادقاً، رفع رؤوسنا، مثلما رفع علم السودان عالياً على منصة التتويج.. وعقدت في رأسي مقارنة بين الإنجاز العالمي لكاكي، والوفاة المفاجئة لإيداهور، وما لقيه الأخير من اهتمام فاق حد الوصف، وانفعالات فردية وجماعية، وصلت حد الانتحار (والحمد لله إذ لم يكن الانتحار جماعياً) وتعازي، ومآتم، وطائرات خاصة، وصور، ومقالات، وأخبار، وأعمدة، ومظاهرات، وشغب، وأحزان، وأتراح، كل هذا للاعب (مدفوع القيمة)، وقد أفضى إلى ما قدم، وصار بين يدي ربه، وليس من الدين ولا الأخلاق ولا المنطق أن نتحدث عن (الراحل إيداهور) إلاّ بالخير، أو لنصمت.. ولكن السؤال الذي يفرض نفسه من هو الأحق بالتكريم: البطل السوداني الأصيل، الذي حقق لبلادنا بل وللأمة العربية (جمعاء) إنجازاً عالمياً بجهده الشخصي أولاً، ثم بمساعدة اتحاد ألعاب القوى، الذي يقوده صديقي وأخي، سعادة العميد مصطفى عبادي، ونائبه صديقي، كابتن شيخ الدين محمد عبد الله، وتحفى أقدامهما حتى ينتزعا من براثن المالية، أو وزارة الشباب والرياضة بضع دريهمات ليقيما بها (أود) الاتحاد، ويسيّرا أنشطته، في الوقت الذي تنفق فيه المليارات بالقديم والجديد من أجل لعبة، أو لاعب (ما بيجيب وجع قلبو).. ويغتاط مني المهووسون بكرة القدم، عندما أكرر مقولتي بأننا (لا ولن) نحقق شيئاً يستحق الذكر في مجال كرة القدم، التي برعت فيها مناطق بعينها في الكرة الأرضية، ولا أملّ تكراري، بأن غرب وجنوب أفريقيا ناجحة في لعبة كرة القدم، خلاف شرق ووسط أفريقيا، مثل جنوب أمريكا، ناجحة في ذات اللعبة، خلافاً لأمريكا الشمالية، وأوربا الغربية، أنجح من الشرقية.. والقارة الآسيوية برمتها، أقل حظاً من بقية القارات في مجال كرة القدم، ومع ذلك لكل من هؤلاء (لعبة) يتميزون بها: فالجمباز لروسيا، والركبي للولايات المتحدة، وتنس الطاولة للصين.. والعَدْو لشرق ووسط أفريقيا، وهكذا.. فلماذا ننفق على (المجنونة) ما لاطائل من ورائه. ً وأجدر بابني وتلميذي رضا مصطفى الشيخ، أن يقدم استقالته من وظيفته، كمدير لإدارة البرامج الرياضية بالتلفزيون بسبب الإهمال، وعدم الاهتمام، الذي تعاني منه ألعاب القوى في برامج التلفزيون.. (إلا النزر اليسير) وهذا في حكم الشاذ.. والشاذ لا حكم له، مع أن الإدارة اسمها (البرامج الرياضية، وليس كرة القدم) وقد حزنت لأن سبب (استقالة رضا) هو العطل الفني، الذي أصاب جهاز النقل الخارجي (SNG)، وهذا ما يحدث في أرقى التلفزيونات ولا يدفع للاستقالة.. ونعود لكاكي، البطل السوداني، العربي، الذهبي، الذي يجلب لنا الإنجازات، وهو بلا مدرب متفرغ، وبلا طبيب خاص، وبلا ميزانية تناسب إنجازاته، وقد سبق البطل كاكي، أبطال آخرون، في مجال ألعاب القوى، ورفعوا علم السودان في المحافل الدولية، وحققوا نتائج باهرة، ولم يجدوا الاهتمام اللائق بهم وبإنجازاتهم.. سنسمع بعد قليل بأن الدوله منحت (كاكي) قطعة أرض، أو وساماً، وهذا جيد لكن الأجود منه أن نولي اتحاد ألعاب القوى الاهتمام الحقيقي، ونترك الهوس الذي تصيبنا به كرة القدم (ونعطيها بقدر ما تعطينا) بدلاً عن هذا الصرف البذخي مقابل لا شيء.. وحتي اللاعبين (المجنَّسين) والذين نجلبهم باسم المحترفين لا يحققون الجدوى الفنية، والاقتصادية، التي تناسب ما صُرف ويصرف عليهم. سألني سائل : إنت إيداهور ده، مش سوداني بالتجنس؟ لزوم السفارة النيجيرية والسفر لنيجيريا شنو؟ قلت له: إنت تسأل والوالي يجيب.. وهذا هو المفروض