وأنا أكتب عن الشاعر الكبير إسماعيل حسن الشاعر الغنائي الشامل.. اخترت أن يكون عنوان هذه الكلمة هو العنوان الذي اختاره إسماعيل لمجموعة ( ريحة التراب).. أو رائحة الأرض.. وما أكثر الذين غنوا للأرض بل وما أجملهم، ومن أجمل الذين غنوا للأرض الشاعر المصري فوزي العنتيل والخمسينات تطل بوجهها الصبوح في القاهرة، بل بوجهها الثوري التحرري فيكتب عن عبير الأرض ويتغنى بها أشقاؤه في جنوبالوادي في السودان.. ثم يأتي إسماعيل حسن فيكتب بعد ذلك (ريحة التراب).. أليس هو عبير الأرض أيضاً؟ هذه الأرض التي أحبها في حقول وزراعات وغيطان مشتهر في مصر حيث تعلمه الزراعي، وقبلها في شمال السودان في ديار الشايقية الخضراء، وقبلها في حواري عين شمس والخانكة والجبل الأصفر، حيث نشأ وبين ريحة الأرض في الشمال الأخضر الجميل في مروي، ونوري، والقرير، وقنتي التي غنى لها نوارة قنتي.. والتي غنى لها من قلبه وسويداء فؤاده (الريلة):- الشتيلة الفوق جدولها جيت أمد إيدي اتناولها الحراريس قالوا لي لا إنت فقري وما بتقدرها وفي هذه السانحة ونحن نطالع اسماعيل حسن (ريحة التراب) نستمع اليه وهو يتغنى لها: والله يا ريحة التراب شديتني للماضي البعيد عبر الزمان في اللامكان عبر البكون.. جوه اللي كان مشوار غريب حفيان وطيت جمر أم لهيب الروح تهيم.. فوق النجوم والفاني مطمور في التراب ولاسماعيل حسن حكايات مع (النم).. في حكايته التي اختار لها هذا العنوان: من عيون البهجة من دنيا الصبابة بغني عليه شوق الشوق وأنقرش في الربابة بشق درباً موكر جوه غابة دريباً أصلو ما شافوه بالعين ناس غلابة.. سفاين في هدير اللجة ضاربة وراء سرابة.. ولكن إسماعيل حسن الذي كتب (الريلة).. و(الحنين يافؤادي) .. و(أمسكي عليك عيونك ديل) و(مداين الشوق).. و(ياسلام منك أنا يا سلام) و(رجعت ليك بعد أغتراب بعد الأسى.. وبعد العذاب)، والذي تغنى له وردي وأحمد فرح..(.. لو سعيد الحظ تكون دائماً معايا..). هو أيضاً شاعر فصيح.. جميل القافية.. رشيق الرؤى، ساحر البيان يتجلى إبداعه في روائعه (ليالي الريف).. و(أحلام التائهين).. وفي حيرته وتساؤله عن نفسه في ربيعه الذي يبكيه: أبكي ربيعك يا سمراء أبكيه عيد تصرم وانفضت لياليه حتى الليالي لقد شاخت باربعنا لا البدر فيها كما كنا نناجيه ويواصل اسماعيل حسن إبداعه الشعري الفصيح فيقول في رائعته أذكريني: عندما يأتي الصباح وترين العابرين في دروب الكون ساروا بالأمان حالمين أسأليهم عن حياتي وسل الركب الأمين أسأليهم عن فؤاد بات في القيد رهين وأسأليهم عن وفيٍّ أسأليهم وأذكريني.. ألا رحم الله إسماعيل حسن، فقد كان شاعراً بحراً من الشعر والابداع.