مشكلة التصحيح داخل الصحف كبيرة، وقد ظلت قائمة منذ بداية هذه الخدمة وانتشارها على مستوى العالم حتى يومنا هذا، وكان أستاذ الأجيال الصحفي الكبير الأستاذ علي حامد - رحمه الله- صاحب أحد أشهر الأعمدة الصحفية السودانية الذي حمل اسم (في الصميم) من الذين عانوا كثيراً من أخطاء تقع بين الحين والآخر داخل عموده المقروء، وربما أدت لتغيير المعنى تماماً، وصرفت القارئ المستهدف أصلاً بالعمود أو الزاوية الصحفية إلى الحديث عن الخطأ أو التعليق عليه، لذلك كان أستاذنا علي حامد يطلق على المصححين- تندراً- اسم (المغلطين).. ولكن ضغط العمل الليلي خاصة لحظة الإعداد النهائي للصحيفة قد تجعل الخطأ يمر متهادياً تحت بصر المصحح، والمدقق اللغوي، ومحرر السهرة، ومدير الإدارة الفنية، والمشرف الليلي على الصحيفة دون أن يتم ضبطه أو تعديله، إذ إن تصحيح منتصف الليل يكاد ينطبق عليه المثل السوداني الذكي الذي يشير إلى أن عمل الليل دائماً ناقص لذلك يقول عنه ( دفن الليل أب كراعاً بره).. بالأمس نشرنا في هذه الزاوية، وتحت عنوان ( الملايين المهدرة دون وجه حق) مع الإشارة لها في الصفحة الأولى بعنون ثانٍ كان (الملايين المهدرة في المجلس الوطني) رغم إن المقصود كان هو المجلس الطبي السوداني، على خلفية حملة غير ذكية عن طريق إعلانات مدفوعة القيمة على الصفحات الأولى لعدد من الصحف الصادرة في الخرطوم أول أمس، يُكذِّب من خلالها ما نُشر عن المجلس في صحيفتي (الرأي العام) الغراء و(آخر لحظة) عن مشروع المجلس الطبي السوداني في فصل الأطباء المضربين.. على الرغم من أن الصحيفتين نقلتا الخبر عن أحد مراكز الخدمات الصحفية والإعلامية المعروفة والمعترف بها، وقد دفع المجلس الطبي السوداني الملايين- لنشر ذلك الإعلان- التي كان يمكن توفيرها، لو أمسك أمينه العام البروفيسور الشيخ على العبيد سماعة الهاتف - هو أو من ينوب عنه- أو كتب خطاباً أوضح تلك الحقائق وقدَّم من خلاله المعلومات الصحيحة وطلب نشرها.. وهذا حق كفله له القانون. العنوان على الصفحة الأولى أثار بلبلة، وكذلك الأمر داخل الزاوية إذ أصاب الخطأ القاتل برشاشه المجلس الوطني الانتقالي الذي نكن له كل تقدير واحترام، ولرئيسه ولأمينه العام، خاصة وأنه قد أدى رسالته كاملة التي حددتها له اتفاقية السلام الشامل، من إعداد وإجازة دستور السودان الانتقالي وإعداد وإجازة وتعديل القوانين المنصوص عليها والقيام بواجبه على أكمل وجه. لذلك نجد أنه لابد من الاعتذار للمجلس الوطني الذي أقحم إقحاماً في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل، ولابد من الاعتذار لأمينه العام، إذ إن المقصود فيما كتبناه كان هو الأمين العام للمجلس الطبي السوداني البروفيسور الشيخ علي العبيد.. ومن معه.