مع كامل احترامنا وتقديرنا لقيادات وكوادر المجلس الوطني السوداني (السابقة) و (اللاحقة) إلا أن أمراً (مخجلاً) قد استوقفنا صباح أمس، وهو إعلان بحجم (ثمنُ صفحة) منشور في عدد من الصحف اليومية قيمة النشرة الواحدة على الصفحة الأولى منه تزيد عن الألفي جنيه بالنظام الجديد واثنين مليون بالنظام القديم، دفعها المجلس الطبي السوداني من ميزانيته المخصصة لأغراض عديدة ليس من بينها (الرد مدفوع القيمة) إذ كان من الممكن أن تنشر الصحف ذلك الإعلان دون أن يتكبد مندوب المجلس المشاق، ودون أن يتحمل المجلس هذه الملايين التي يجب أن تتم مساءلة القائمين بأمره على إهدارها، وعلى رأسهم الأستاذ البروفيسور الشيخ علي العبيد، الأمين العام للمجلس. تعالوا نقرأ القصة من بدايتها، فقد تلقت (آخر لحظة) ضمن عدد من الصحف نشرة صحفية تصدر عن مركز معترف به من قبل الدولة ومؤسساتها، تحمل خبراً عن شروع المجلس الطبي في فصل الأطباء المضربين، وقامت الصحيفة بنشر الخبر الوارد في النشرة الصحفية كاملاً، وتم نشره في صحيفة (الرأي العام) الغراء في ذات يوم النشر وتاريخه الذي كان في الثالث والعشرين من مارس الجاري. نحن لا نريد أن (نُلقي محاضرة) حول أسس نشر الخبر ونسبته للوكالة أو النشرة الخاصة التي حملته وجاء منها مثلما حاول المجلس الطبي السوداني وأمينه العام أن يقدموا لنا محاضرة مقروءة ضمن إعلان مدفوع القيمة في بعض الصحف يوم أمس الرابع والعشرين من مارس، مفادها- أي المحاضرة- أن مهام المجلس تتضمن التأكد من استيفاء الطبيب لشروط ممارسة المهنة والمحاسبة المهنية وفق ضوابط السلوك المهني المنصوص عليها في صلب القانون واللوائح المنظمة للعمل بالمجلس الطبي.. وحديث كثير لا حاجة للقاريء الكريم به، إذ إن الخلاصة كان يمكن أن تكون هي أن المجلس ليس هو الجهة المخدّمة وغير معني بالجوانب الإدارية وعمله يتم بمعزل عن الأدوار النقابية وووو.. وأي شيء له علاقة بالخبر الذي نشرته الصحيفتان. تسّرع البروفيسور الشيخ علي العبيد، الأمين العام للمجلس، وتسرّع المجلس نفسه، أو دفع بهما دافع لهذا التسرع حتى أنهم لم يقوموا بالاتصال بالصحيفتين وتصحيح الخبر- كما تقتضي الأعراف- وقد كفل القانون حق التصحيح والنشر في ذات المكان إلا لمن أبى أو أراد أن يهدر الملايين دون وجه حق داخل المجلس الطبي السوداني.. ولا نريد أن نشكك في الذمم أو نفترض أن هناك وكالات وسيطة أو عمولات تدفع مقابل الإعلان، أو تخفيضات تتم تحت الطاولات، لا نريد أن نكون سييء الظن بمن يفترض أن نحسن بهم الظن، لكن التصرف الأخرق يؤذي صاحبه، خاصة إذا لم يكن على حق وأراد أن يحِّمل غيره مسؤوليات لا تقع ضمن مسؤولياته.. وربما فتح المجلس بهذا الفعل المتسرّع الباب (البجيب الريح) الذي لن يستطيع سده بعد ذلك..