تعمل الغدد الدمعية لدى المرأة والأطفال بكفاءة عالية زي ماسورة مليانة موية هجرها عمال هيئة المياه.. تحتاج فقط لمسة واحدة.. لتسيل الدموع جداول. تبكي المرأة بصدق إذا جرحت مشاعرها.. ظلمت .. أو لم تستطع الدفاع عن نفسها.. وقد تبكي برياء إذا أرادت شيئاً لتحنن قلب (تلك الصخرة الصماء) التي لا تستجيب للطلبات إلا بالدموع السخينة!! وتبكي بالصوت بلا دموع مرئية في بيوت البكيات.. (الطالبنها عزاء) ولا تمت اليها بأي قرابة أو صداقة ولا حتى جيرة.. وهي تلبس أحدث موديل من الثياب.. وآخر صيحة من الذهب.. وقد تعزي وهي لا تعرف من الذي مات.. فتضع يدها بطريقة (عرفية) حتى الآن لا أعرف مصدرها، في رأس النساء اللائي يبكين بحرقة بلا فرز وتنهنهه بصوت خفيض في ذات اللحظة التي تكون فيها قد تدثرت بغطاء ثقيل من برد مشاعر... ولا تنوي النهوض من فراشها، أقصد جدولها.. لكن تبكي المرأة بصدق وبدموع الدم اذا تعرض (حملها الوديع) للخطف على يد إحدى خطافات الحملان.. تبكي الخيانة.. والعشرة .. والأولاد كما لم تبكِ من قبل.. هنا فقط يكون البكاء صوتياً ومرئياً ويفتت الأكباد.. ويبكي الأطفال بصدق إذا تعرضت أجسامهم البضة لألم شديد جراء جرح أو مرض.. ويبكون بكل الغدد الدمعية والأغشية المخاطية.. لتلبية الطلبات.. يتعب الصغير... ويتحول البكاء إلى صوتي.. بعد أن تتراجع الدموع إلى المآقي لأنها تأكدت ألا فائدة من (الإندياح) الأكثر من اللازم.. لتحفظ ما تبقى من ماء وجهه. يعاند الصغير ويحاول لكنها ترفض الانصياع بعد أن تعرضت للمسح بالكف.. وبالستارة.. وبكل ما يصل لليد.. فيتركها ويحاول الضغط بوسيلة صوتية فيبدأ بالزن على السلم السابع دون أن يغير النغمة لعلمه (إن الزن على الودان أمر من السحر).. وأثناء ذلك لا مانع من أن يتابع فيلم كرتون ويعطي الفم راحة شوية ليلتقط أنفاسه المتقطعة، ولكن ما أن ينتبه إلى أنه سكت حتى يعاود مرة أخرى. لكن متى يبكي الرجال!.. ولماذا تتعطل الغدد الدمعية عندهم ألأنها تتعارض مع هرمونات الذكورة.. لذا يتحملون الجروح.. الألم ... الصدمات بشموخ (منكسر).. إن دموع الرجال صادقة مؤثرة لا زيف فيها. فعندما يتنازل الرجل عن كبريائه وقوته ويسمح للدموع تنساب على وجهه فذاك يعني أنه قد وصل قمة الألم الذي تخطى حدود تماسكه.. لا مجال للرياء والنفاق في دموع الرجال.. أكثر ما يهزمني في الدنيا أن أرى رجلاً يبكي خصوصاً إذا شبه لي بأنه رجل قوي يحتمل كل شيء بجلد وصبر. إن البكاء مريح يخفف عنا الضغوط النفسية.. ويزيح عن كاهلنا عبء تحمل أثقال ووطأة الحياة.. فالحياة دين كبير رحم الله من سدده.. والبكاء ليس عيباً ولا نقصاً في الرجولة.. هو لحظة إحساس صادق.. وتجاوب وتعبير شفيف عن ألم وجرح غائر لم تستطع الصلابة أن تسكته!!