نحسب أن ترشيح أشقائنا في شمال الوادي لأن يكون السودان مسرحاً للقائهم الفاصل مع أخواننا الجزائريين.. هو اختيار له الكثير من المعاني والدلالات.. وهي معانٍ يفهم بعضها عامة الناس وبعضها الآخر يفهمه أهل السياسة.. ونحسب أن الحظ لعب دوراً كبيراً لأن يكون هذا الاختيار واقعاً بعد أن ابتسمت القرعة ليكون ملعب المريخ مسرحاً للقاء الفاصل.. ولأن هذه المباراة المقامة اليوم.. ليست مباراة تحدد من يتأهل لنهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا فقط.. فإننا نتمنى أن نستثمرها فرصة لنعكس الوجه الحقيقي للسودان، وألا تتعامل أجهزة إعلامنا المختلفة معها بحسابات الهلال والمريخ.. تلك المعادلة الحسابية الخاسرة.. فهي فرصة جاءتنا على طبق من ذهب، خاصة وأن معظم أجهزة الإعلام العالمية ظلت طوال السنوات الماضية تتعامل مع الشأن السوداني بتعتيم تام وبما يتوافق مع مصالحها، فأصبح العالم لا يعرف عن السودان إلا ما يحدث في دارفور وبعض مشاكسات شريكي الحكم.. بالإضافة لغياب الانجازات سواء أكانت رياضية أو ثقافية وغيرها.. وحتى الانجازات القليلة التي تحققت في مجال ألعاب القوى لم تحظ باهتمام الإعلام الداخلي، وبالتالي كان لا مناص من أن يتجاهلها الإعلام الخارجي. نريد أن تكون استضافتنا اليوم لهذه المباراة التاريخية هي فرصة للتعامل بالحكمة، والتعامل بخطة إعلامية واضحة.. فرصة لتعلم الدولة أن الرياضة التي تحاربها بالتجاهل هي سفارة حقيقية، وأن حدثاً رياضياً واحداً يمكن أن يفعل أكثر مما تفعل السفارات واللقاءات السياسية.. والدليل أن السودان هذه الأيام هو العريس الأوحد في الساحة الإعلامية العالمية، رغم أنه لا ناقة له ولا جمل في (العرس).. والدليل أن مناديب العشرات من الوكالات والفضائيات هم الآن بين ظهرانينا لتغطية الحدث وليس للسياحة أو تغطية اجتماعات الشريكين .. الإعلام المصري الآن كله بلا استثناء عاد يتحدث عن السودان مثلما كان يتحدث عنه أيام التكامل، وهو ذات الإعلام الذي كان حتى الأمس القريب يتجاهل وردي وغيره من القامات الفنية، ويحتفي بستونة وجواهر.. وذات الإعلام الذي يتجاهل مشاركات انديتنا في دوري أبطال افريقيا.. عادت من جديد نغمة (ابن النيل) المفقودة... عاد الجزائريون يتحدثون عن السودان وكرم وشهامة أهل السودان.. وبالتأكيد سيعلمون عن السودان الكثير الذي يجهلونه بعد وصولهم.. إن تعاملنا بالوعي المطلوب مع هذه المباراة أو بالأصح مع الحدث سيعود علينا بالكثير من المنافع وسيفتح الكثير من الأبواب المغلقة.. والتي فيها ما أغلقها الغرب، وفيها ما أغلقناه نحن عن عدم إدراك ووعي.. لذلك نتمنى من إخوتنا في الإعلام الرياضي على وجه الخصوص ألا يتعاملوا مع الحدث بالحسابات التي ذكرناها، ويكفي أن المباراة في السودان، ولا يهم بعد ذلك إن كانت في استاد المريخ أو الهلال أو حتى الخرطوم، وأن يحق لأهل القبيلة أن يتباهوا ويتفاخروا لأن قلعتهم الحمراء ستستضيف الحدث.. وهي فرصة لنحيي فيها مجلس إدارة المريخ وعلى رأسه الأخ جمال عبد الله الوالي، الذي جعل استاد المريخ قلعة حمراء تسر الناظرين، ويتباهى بها كل أهل السودان.. كما نحيي الهلال الذي كان لرئيسه الأخ صلاح أحمد إدريس وقطبه الأخ أشرف سيد أحمد الدعم السخي في هذه الطفرة التي شهدها استاد المريخ.. وقبل أن نختم نتمنى أن تخصص قنواتنا الفضائية ( السودانية).. (الشروق).. و (النيل الأزرق) المساحات التي تليق بالحدث، فهي فرصة ربما لا تتحقق قريباً، وربما لا تتحقق البتة.. ولجمهورنا الرياضي المثقف الواعي نقول له .. لا نظنك تحتاج إلى وصية.. شجع من شئت من المنتخبين ولكن تذكر.. اليوم أنت العنوان الحقيقي للبلد.. ومرحباً بالأشقاء..