الإبداع من المدركات الروحية للإنسان التي لا تحدها عوامل العلاقات، وقد شهد التاريخ الإنساني نماذج عديدة لمبدعين أصحاب إعاقة قدموا ما عجز عنه بعض الأصحاء الأقوياء، فقد كان الشاعر الفذ أبو العلاء المعري كفيفاً ولكنه يفرز بين الألوان في قصيدته.. والبردوني الشاعر اليمني أصيب بداء العمى منذ الرابعة ولكنه استطاع أن يصبح هرماً في مجال الفكر والأدب وقد كرمته الأممالمتحدة بإنتاج عملة مالية تحمل صورته تقديراً لمجهوده الإبداعي. في السودان نماذج عديدة لمبدعين معاقين شرفوا السودان في المحافل الدولية وظل إبداعهم في تواصل دون انقطاع، حيث يقيم عدد من المبدعين من شريحة الصم لم تتجاوز أعمارهم عشرين عاماً، يقيمون معرضاً خاصاً للأعمال التشكيلية والرسومات المتحركة تؤكد مقدرتهم على المشاركة في هموم المجتمع دون تحريك اللسان. المبادرة من مواطنة تحت شعار(حياة الأجيال والأمل المشرق)، فكرة المعرض التشكيلي للصم والبكم رغم أنه يقام بمباني المجلس القومي لرعاية الآداب والفنون وسط الخرطوم، إلا أنها كانت مبادرة من الأستاذة أماني محمود مواطنة بالثورة الحارة العاشرة وإحدى منتسبات صحيفة (آخر لحظة)، وقالت أماني إن الفكرة نبعت بعد زيارتها الى معهد الأمل بالملازمين ووقوفها على إبداعات التلاميذ والتلميذات من الصم والبكم، ولم يكلف المعرض سوى 20 ألف جنيه، دفع منها المجلس القومي لرعاية الآداب والفنون خمسة آلاف جنيه وتكفلت المواطنة أماني بالبقية باعتبار أنها تهديه الى روح والدتها حياة أحمد حسين.. تحت شعار (حياة الأجيال والأمل المشرق)، في إشارة الى اسم والدتها حياة ومعهد الأمل للصم والبكم.. وقد ضم المعرض التشكيلي أعمال أكثر من عشرين تلميذاً من الصم والبكم، وشهد حفل الافتتاح الأستاذ صديق المجتبى الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الآداب والفنون، والفنان التشكيلي الطيب موسى الذي ساعد في وضع اللوحات على المعرض، بجانب الدكتور بخيت من وزارة الصحة ولاية الخرطوم، الذي وعد بقيام يوم صحي لهؤلاء المبدعين الصغار.. وقال الأستاذ صديق المجتبى إن الهدف من قيام المعرض هو إبراز البعد الجمالي للإبداع الذي تقدمه شريحة المعاقين، وقد قدم السودان نماذج منهم نالوا جوائز عالمية أبرزها الميدالية الذهبية بفرنسا عن مسرحية (البديل)، التي وضع لها السيناريو الممثل القدير عبد الحكيم الطاهر بالإشارة دون صوت، مؤكداً قيام مهرجان خاص للمعاقين برعاية المجلس يكرم فيه المبدعون من أصحاب الإعاقة.