لعل مهنة الطب هي المهنة الوحيدة التي كان لها- منذ فجر التاريخ وبداية حضارة الإنسان- آداب للممارسة في إطار قسم يلتزم الأطباء بأدائه قبل أن يؤذن لهم بالاقتراب من علاج المرضى. وأقدم ما وصل إلينا في هذا الصدد هو قسم أبو قراط " 460- 357 ق. م " ويضع هذا القسم الإطار الأخلاقي والسلوكي في ممارسة مهنة الطب، ويتلخص القسم في واجب الطبيب نحو المرضى ونحو الزملاء في المهنة وضرورة المحافظة على أسرار المهنة التي ترتبط بصحة وحياة الإنسان. (المرفقات). واستمر قسم (أبو قراط) عنواناً لكل قسم للأطباء في كثير من بلدان العالم. وقد سجل التاريخ بعد ذلك بقرون عديدة دعاء موسى بن ميمون(1135-1204م) وكان طبيباً لصلاح الدين الأيوبي وابنه الأفضل نور الدين. ويعتبر هذا الدعاء مناجاة لله سبحانه وتعالى يطلب فيه العون لتخفيف معاناة وآلام الإنسان ويضع الدعاء الخطوط الرئيسية للآداب والسلوك الذي يطالب به الطبيب (المرفقات). أولاً: مفهوم (القسم ) أشكال قديمة وأخرى أحدث عهداً. قسم الأطباء في عهد محمد علي باشا 1242 ه وعندما أنشأ محمد علي باشا والي مصر مدرسة الطب (في أبي زعبل ثم في القصر العيني) وأرسل البعوث إلى فرنسا من عام 1826 م والسنوات التالية لدراسة الطب والجراحة، وتمت ترجمة اثنين وخمسين مرجعاً طبياً إلى اللغة العربية وكان يطبع ألف نسخة من كل مرجع، وفي خلال خمس سنوات أمكن تخريج 420 طبيباً مصرياً.. وفي عام 1832 وصل إلى باريس 12 مصرياً للتخصص في دراسة الطب، وفي عام 1838 أقيمت أول مدرسة للقابلات، وفي عام 1849 كانت المدرسة الطبية تشرف على 125 طالباً للطب، 25 طالباً للصيدلة وحددت دراسة الطب بست سنوات وتخرج في هذه المدرسة خلال 18 عاماً من حكم محمد علي 1800 طبيب مؤهل. وكان الخريجون يقومون بأداء قسم تمت صياغته في إطار التزام وينص القسم: غرة ذي الحجة 1242ه هذا عهد الأطباء (أقسم بالله العظيم ونبيه الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم» على أن أكون أميناً وحريصاً على شروط الشرف والبر والصلاح في تعاطي صناعة الطب، وأن أسعف الفقراء مجاناً ولا أطلب أجرة تزيد عن أجرة عملي، وأني إذا دخلت بيتاً فلا تنظر عيناي ماذا حصل فيه ولا ينطق لساني بالأسرار التي يأتمنوني عليها ولا استعمل صناعتي في إفساد الخصال الحميدة ولا أعاون بها على الذنوب ولا أعطي سماً البتة ولا أدل عليه ولا أشربه ولا أعطي دواء فيه ضرر على الحوامل ولا إسقاط لهن، وأكون موقراً وحافظاً للمعروف مع الذين علموني، ومكافئاً لأولادهم بتعليمي إياهم ما تعلمته من آبائهم، فما دمت حريصاً على عهدي وأميناً على يميني، فجميع الناس يعتبرونني ويوقروني، وإن خالفت ذلك فأكون مرذل المحتقر والله شهيد على ما أقول). قد تم العهد *** أحدث قسم للأطباء وقد اعتمد المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي الذي عقد في الكويت في ربيع الأول 1401ه- يناير 1981 م في إطار الدستور الإسلامي للمهنة الطبية، قسماً شاملاً تم إقراره من مجلس وزراء الصحة العرب ويتم تعميمه في أغلب الدول العربية. قسم الطبيب : أقسم بالله العظيم أن أراقب الله في مهنتي.. وأن أصون حياة الإنسان في كافة أدوارها.. في كل الظروف والأحوال باذلاً وساعياً في استنقاذها من الهلاك والمرض والألم والقلق. وأن أحفظ للناس كرامتهم.. واستر عورتهم.. واكتم سرهم. وأن أكون على الدوام من وسائل رحمة الله، باذلاً رعايتي الطبية للقريب والبعيد، والصالح والخاطيء، والصديق والعدو. وأن أثابر على طلب العلم، أسخره لنفع الإنسان.. لا لأذاه. وأن أوقر من علمني. وأعلم من يصغرني، وأكون أخاً لكل زميل في المهنة الطبية، متعاونين على البر والتقوى.. وأن تكون حياتي مصداق إيماني في سري وعلانيتي، نقية مما يوشي لها تجاه الله ورسوله والمؤمنين والله على ما أقول شهيد. وكان الأطباء الخريجون يقسمون (عهد الأطباء) قبل مزاولة المهنة. قسم أبو قراط: كان، أبو قراط (460- 357) ق. م الذي ولد في جزيرة قوص Cos، في بحر إيجا أشهر الأطباء وأهم ما اشتهر به القسم المعروف باسمه، والذي يقسم به عادة كل من يزاولون مهنة الطب في احتفال رسمي يقام عقب نجاحهم في امتحاناتهم التأهيلية وقبولهم رسمياً في مهنتهم الجديدة وعلى نحو ما ورد في صفحتي 63 و64 من (مرجع آداب مهنية) الذي أصدره الإتحاد البريطاني للطب عام 1981م، فإن نص القسم كالتالي: (أقسم.. على الوفاء بهذا اليمين حسب قدرتي وحكمي على الأشياء.. تبليغ ونشر المعارف الخاصة بهذه المهنة بإسداء المشورة وإلقاء المحاضرات وكل طريقة أخرى للتعليم إلى أولئك الذين ارتبطوا بقسم وفقاً لقانون الطب ولكن ليس لأحد غيرهم، وسوف أتبع نظام التغذية الذي اعتقده وفقاً لقدرتي ومدى حكمي على الأشياء ذا منفعة لمرضاي، وامتنع عن كل شيء ضار أو مؤذٍ لهم، ولن أعطي دواء مميتاً لأي شخص إذا طلب مني ذلك ولن أشير أيضاً بمثل هذه المشورة.. وسأحفظ نفسي قي معيشتي وفي ممارسة مهنتي على الطهارة وعفة النفس.. وأينما حللت توخيت منفعة المريض وسأمتنع عن أي فعل إرادي يستهدف الأذى أو الفساد وأي شيء أراه أو أسمعه في حياة الناس مما له صلة بممارسة مهنتي أو لا صلة له بها، فلن أتحدث عنه في الخارج ولن أبوح به على اعتبار أن جميع ذلك يجب أن يبقى سراً. ومادمت حافظاً لهذا القسم، غير حانث به فليكتب لي التمتع بالحياة وممارسة مهنتي وكسب تبجيل جميع الناس وفي كل الأزمنة، أما إذا انتهكت أو حنثت فليكن العكس هو جزائي.