العنوان أعلاه ليس له علاقة بالانتخابات ومن سيربح في النهاية وبعدها تفتح له أبواب الجاه والبرستيج ويصبح مثل سلطان زمانه ، لكن الحكاية وما فيها تتعلق بكتاب يحمل هذا العنوان للأكاديمي السعودي الدكتور عبد الرزاق العصماني، الإصدار عبارة عن سيناريوهات مكتوبة بحبر الواقع،وفي جميع الحكايات يبحر المؤلف مع بشر ملامحهم تشبه الشوارع المنطفئة وجدران البيوت الباهتة ، لكن خلف هذه الملامح البائسة نجد أرواحا مشعة ومتوثبة تضيء بزيت العافية والمحبة ، الشخصيات التي رسمها العصماني باحتراف وفي لغة سلسة وعفوية عاشت في زمن ما في بلدة أضم في محافظ الليث على خط الساحل في المملكة العربية السعودية، حينما تطالع نتف الحكايات تجد نفسك كأنما تسير في بهو أو سوق يعج بالبشر من كافة الجنسيات ، ومن الشخصيات الواردة في هذه الأقاصيص حكاية شاهر عطا الله الرجل العفوي الذي يحمل في دواخله كاريزما من نوع خاص ، وفي هذه الحكاية المنسوجة من زيت الواقع يفضفض المؤلف عن الإنسان القروي المجبول على الطيبة وحب الخير والمحبة والتضحية ، وفي حكاية حمدان خشقانه يتجلى المؤلف في الوصف الدقيق لهذه الشخصية الوديعة المسالمة ، رجل يأتي من زمن آخر يحمل في حناياه الطيبة ويتجول بين البلدات الصغيرة في موسم جني الرطب تماما مثل الدرويش المتجول كما صوره محمد الفيتوري ، في(معزوفة لدرويش متجول)،وإذا كان الدرويش في نص الفيتوري يبحث عن ملح لجراحه وتهويماته فان حمدان المرتحل من قرية إلى اخرى يرتدي ملابس رثة تفوح منها رائحة النباتات العطرية في قرى تهامة الساحل،ويمضي المؤلف في سرد حكاياته ويصبح هتافه اكثر تناغما حينما يتسلل إلى بيت (الهيجة)تلك الأسرة القادمة من الجنوب العربي حينما كانت الحدود عبارة عن رسوم في الخرائط فقط، وكيف ان هذه الأسرة التي استوطنت أضم اكتسبت حب الأهالي وكيف ان منزل الهيجة كان بمثابة واحة للمعرفة للكثير من الأهالي في زمن لم تكن فيه وسائل المعرفة متوفرة للناس،وفي خواتيم الحكاية يتصاعد هتاف الحزن بعد رحيل الهيجة من البلدة إلى مكةالمكرمة وكيف ان منزلهم أصبح في الوعي الجمعي للكثيرين موقعا للأشباح كما هو الحال بالنسبة للبيوت المهجورة في القرى والهجر، وفي حكاية (علية)يتجلى المؤلف بحنكة وبراعة في تصوير النفس البشرية، ويتحدث عن علية تلك المرأة التي تقطر عفة وحياء وعفوية ويجسد علاقة حب أولى بينه وبين إنسانة تحمل في حناياها عبق أهل القرى، وفي هذا الحكاية كأنما يريد المؤلف ان يكشف عن حقيقة بين الحب في اليوم الراهن والحب في الماضي وكيف ان الحب في السنين الخوالي كان ابيض القلب مثل ثوب الدبلان، ويمضي المؤلف في نسج الحكايات المستلهمة من الواقع ويبحر مع شخصية ابو فراس ذلك الرجل الأسمر الصامت الذي حينما تنظر إليه تظن انه يحمل قسوة في قلبه ولكنه في الواقع رجل طيب المعشر وصافي السريرة لا يعرف الحقد ولا اللؤم، كما يكتب العصماني في سياق سرده عن أمه وعن السيدة الأمريكية سميث وعن فتاة الساعة السابعة والنصف وحكايات اخرى من صميم الواقع.