لقد ابتعدت لفترة طويلة عن الإطلالة من هذه الزاوية(من العمق)، ذلك لأنني ظللت مراقباً للساحة السياسية منذ بداية الإعداد والتأهب للدخول في عملية الانتخابات بكل مراحلها، بدءاً من التعداد السكاني، وتقسيم الدوائر، والتسجيل، والاقتراع، والفرز حتى ظهرت النتائج، وأنا كمواطن آثرت أن أكون ناخباً مستقلاً لأعطي نفسي مساحة أوسع من الآخرين، الذين قيدوا أنفسهم بأحزاب معينة، فضيقوا على أنفسهم مساحة الحرية الممنوحة والضيقة أصلاً، وسأترك أمر تقييمي الخاص لكل مراحل العملية الانتخابية لوقت لاحق، اسهاماً مني في معالجات الجو السياسي الوطني، فلا أفسد على من فازوا بهجة أيامهم، ولا أثير حفيظة من أخفقوا أو العكس، ولكنني وتأكيداً على استقلاليتي التي أعلنتها، وأعلنت معها تأييدي لعدد من الأسماء التي برزت حينذاك كمرشحين لهذه الانتخابات، من الأحزاب وفي الدوائر المختلفة، والذين هم حسب تقديري الشخصي رجال يستحقون ثقة الناخبين المبرأة دون النظر الى الأحزاب التي ينتمون اليها أواستوعبتهم، لما يتمتعون به- وحسب تقديري الشخصي- أيضاً من سيرة حسنة في أوساط الناس فهم يتصفون بالكفاءة والأهلية والتفهم الواعي لقضايا هذا الوطن، وهم يسعون حسب متابعاتي بعقول مفتوحة للتصدي لقضايا الجماهير دون تمييز حزبي أو اقليمي أو جهوي.. ولأذكر القارئ الكريم بالرجال الذين أعلنت مؤازرتي لهم بما استطعت طبعاً- حيث لا مال عندي ولا سلطة، فإنني أهنئ نفسي والشعب السوداني كله بالفوز الكاسح المستحق للأخوة الباشمهندس الحاج عطا المنان في الدائرة (31) الكلاكلة، ود. عبد الرحمن أحمد الخضر في ولاية الخرطوم، والأخ د. مصطفى عثمان اسماعيل في دائرة القولد، والأخ الشيخ معتصم العجيمي في الدائرة النسبية بالولاية الشمالية، كما أهنئ نفسي أيضاً وكل السودان بالمشاركة الايجابية التي أضفت على العملية الانتخابية في الشمالية بعداً جماهيرياً، وحراكاً سياسياً ناضجاً أثرى التجربة كلها قاده الأخوان الكريمان الملك عبد الله الزبير حمد الملك، الذي ترشح لمنصب والي الشمالية مستقلاً عن حزب الأمة القومي، والأخ الحكيم الأستاذ طه علي البشير الذي ترشح في الدائرة (4) الدبة عن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل-وإن جاز لي أن أضيف رجلاً جديداً لم يرد في خاطري عند بداية مراحل الانتخابات، فإنني أضيف لهؤلاء الرجال الأخ الأستاذ عباس سلطان كيجاب الذي اجتمع حوله كل رجالات ونساء منطقة الغابة في دائرتهم الولائية، والذين سجلوا توحداً منقطع النظير خلفه دون أن يتوقفوا عند محطات أحزابهم، ولكنهم جميعاً فوجئوا بأن المسجلين في كشوفات الناخبين، والذين باشروا الاقتراع لغيره، هم من كانوا خارج ذلك الاجماع الجميل.. فهنيئاً أخي عباس ولأهل الغابة هذه الممارسة المتقدمة فهماً ومعنى. لا أود أن أختم هذا المقال أو هذه الرسالة دون أن أشير الى أنني أنظر بشئ من التفاؤل لما أراقبه بنفسي، ولما أسمع وأقرأ لبعض المتنفذين هذه الأيام، مما يجعلني أتطلع الى مستقبل سوف يرسي مزيداً من القواعد التي ترسخ أرضية الديمقراطية في بلادنا، كما نتمناها وللمساعدة في الوصول الى تلك الأماني فإنني ومن منظوري الشخصي- وفي تواضع جم- أرشح نفس هؤلاء الرجال وأمثالهم الذين لم تسعفنِ الأيام بمعرفتهم، لنفسح لهم الأماكن والمساحات التي تتوافق ومقدراتهم الشخصية في ساحة العمل الوطني في هذا السودان الجميل. والله من وراء القصد.