اسمتيحكم عذرا لنشر هذه الصرخة مرة اخرى لان الظرف الذي يعيش فيه الوطن يحتم ذلك ، صاحبكم العبد لله مازاليبحث عن حبه الهارب ، بحث عنه في الشوارع الترابيةفي اقاصي الشمال ، جاب على قدميه الحافيتين ازقة القرى ، ركض في صحراء تغيب فيها الظلال ، انشد اغنية لاشجار السنط والسلم ، نام على الكثبان الرملية في الضفة الشرقية للنيل ، سأعلن حبه المارة والمراكبية والصيادين ووجوه الترابلة المتعبين في الحقول ، للاسف لم يجدمن يدله على الحب الهارب اخيرا انطلق نحوالشرق باح بأحزانه للبحر سأل طيور النورس الكحليةواسراب الغربان مشى في ضفة خور اربعات الجاف شعر بطعم الملح في حلقة من كثرت السؤال ، عاد خالي الوفاض وهو يمسح حبات العرق من جبينه ويلعن سنسفيل حظه المنكود ، لم يستسلم للاحزان كانت تدفعه موجة من الطموح للقبض على حبه الهارب ، في تلك الامسية المعجونة بالصمت قرر ان يواصل البحث للاسف سخرت الدروب من ركضه المتواصل ، شيعته رياح الخماسين فانكفأ يبكي كنخلة في اودية الصمت ، رأى ذات مساء نفسة متسربلاً بالحلم انطلق يعدو كبعير في صحراء بيوضة وهو يردد مع محمدحسن سالم حميد (بيوضه رشاها الخريف ما طنبرت عربانها شي )فأوصله الحلم الباهت الى ضفاف وادي ازوم في الغرب، مشى الهوينا في الشوارع الرملية بمدينة الفاشرارتاد مقهي على قارعة الطريق سأل العابرين عن حبه الهارب ، لم يجد اجابة شافية ، طار مثل صقر الجديان الى اعلى قمة ( لو شفت مرة جبل مرة ) سأل البساتين والرعاة والمزارعين في سفح الجبل ، لم يجد لديهم اجابة شافية ، عبر الى بحر الزراف جلس قبالة بحرالعرب مشي مع قوافل الرحل في رحلة العودة الى الديار لم يجد من يدله على الحب الهارب ،سال عنه عرب كنانه وقرى النيل الابيض ولم يجد أجابة شافية ، بحث عنه في الانقسنا بدون فائدة ، انطلق الى عمق الجنوب عبر حقول الالغام ومشى بين القطاطي وهو يردد تفاصيل اغنية دكاكينية قديمة ( بمشي وبهاتي من المحطة لي فريق القطاطي ) ، الجميع كانوا منشغلين، وكل زول في همه ، شعر انه ربما يكون مصاب بلوثة في العقل ويحمل شهادة مجنون رسمي وشعبي ، اخيرا قرر الرحيل الى العاصمة القومية ، قال في نفسه ( ياولد ) العاصمة تمثل الوان الطيف كافة فربما تجد في احيائها المتخمة بالبشر والسيارات حبك الهارب ، حبك الذي يؤرقك ويذبحك من الوريد الى الوريد ، في العاصمة شعر انه مثل عصفور تتلقفه الرياح ، سأل المارة والباعة والمشترين وسائقي الركشات والشماسه المتعبين على الارصفة والخلاسيات والوجوه المغبرة والحانقين والمتعبين والذي منه ، شعر ان الكل مشغول بنفسه اخيرا جلس على مقهى شد شعره المنكوش ورفع عقيرته على ايقاع السيرة والجابودي والمردوم ( سوداني الجوه وجداني بريدو ) !!