تقوم المجتمعات وتنمو وتزدهر انطلاقاً من أرضية الاستقرار، الذي يقوم بدوره على قاعدتين أساسيتين، ذكرهما المولى عز وجل في سورة قريش، إذ قال تعالى: (لإيلافِ قريش.. إيلافهم رحلة الشتاء والصيف .. فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف) صدق الله العظيم. إذن يصبح نمو وتطور المجتمعات مرتبطاً بهاتين القاعدتين.. الإطعام من الجوع، والأمن من الخوف.. وهما في عصرنا الحديث من مسؤوليات الدولة وأوجب واجباتها.. وتوفير الطعام يأتي بتوفير فرص العمل، واستصلاح الأرض وفلاحتها، ورعاية الحيوان، واستثمار الثروات، وتقليل الضرائب، حتى يصبح الحد الأدنى للأجور متكافئاً ومتطلبات العيش الكريم. أما الأمن فهو مسؤولية الدولة المباشرة، وتُكلف به مؤسسات عسكرية وشبه عسكرية، لحفظ أمن الوطن وحمايته من أي اعتداء مثلما في حالة الجيش، أو لحماية المجتمع والكشف عن الجريمة بعد وقوعها، والعمل على منعها قبل أن تقع... وهناك أجهزة أمنية مختصة لجمع المعلومات وتحليلها، وتقديمها لمتخذي القرار، مثل ما هو حادث في حالة جهاز الأمن والمخابرات الوطني، ومثلما هو حادث في حالة الاستخبارات في الجيش. مرّت أجهزتنا الأمنية وخاصة قوات الشرطة الموحدة خلال الفترة الماضية بامتحان خاص، وقف على تصحيح أوراقه كل الشعب السوداني، بمؤسساته، ومنظماته، وأحزابه، وقواه التقليدية والحديثة والحية.. ولم تنجح الشرطة في ذلك الامتحان فحسب، بل اجتازته بتفوق تجاوز كل التوقعات، وكان ذلك الامتحان هو العملية الانتخابية بكل مراحلها، فقد شهدنا عشرات الآلاف من رجال الشرطة يسدون الثغرات، ويقفون على حفظ الأمن، ويجوبون الطرقات، ويرتكزون عند نقاط الاقتراع في كل أنحاء السودان، يسهرون الليل الموصول بنهارهم الشاق، ولم يرصد لهم المواطن تصرفاً مشيناً، أو أعصاباً متفلتة ولا استفزازاً لأحد. الآن وقد أخذت العملية الانتخابية تمضي إلى نهاياتها، ووجب علينا أن نشيد بالأداء الشرطي الرفيع، الذي جاء نتيجة تخطيط دقيق، سهرت له القيادات مواصلة الليل بالنهار، واقترن بتدريب الكوادر المختلفة تدريباً عالياً، أكسب عناصر الشرطة الخبرة والمعرفة والعلم، والمزيد من الانضباط، لينتشر قرابة الخمسة وثلاثين ألف شرطي في الخرطوم وحدها، لتأمين العملية الانتخابية، وضعفا هذا العدد في ولايات السودان المختلفة، حماية للديمقراطية والتحول الديمقراطي، والتطور الدستوري الذي تعيشه بلادنا في هذه المرحلة الدقيقة، الأمر الذي حقق الفوز لهذا الشعب في اختيار الديمقراطية الذي حصدت من خلاله الشرطة أعلى أصوات التفوق والنجاح.