منذ وقت مبكر وصلت إلى العاصمة السودانية أعداد ضخمة من الأجهزة الإعلامية ممثلة في إذاعات وفضائيات ومجلات وصحف سيارة من شتى بقاع العالم لتغطية الحدث التاريخي المهم انتخابات السودان، وقد كان كثير منها غير مهتمة بتغطية الانتخابات ولا تمثل لها أهمية ولكن كانت تؤمل أن تثور جماهير الشعب السوداني وتغلي كالمرجل وتعم الفوضى كافة أرجاء البلاد وتنسف صناديق الاقتراع من قبل المخربين والمأجورين ، ولكن لفطنة الشعب السوداني وذكاء المواطن سارت العملية الانتخابية على أكمل وجه وعمت كافة أرجاء البلاد روح الطمأنينة، وسادت لغة المودة والسلام بين أبناء الشعب حكومةً ومعارضةً، حتى مرت الأمور على أفضل حال، ولكن حال القنوات الفضائية التي تنقل أخبارها من داخل الخرطوم عبر مراسليها، وفي قلب الحدث كان مراسلو بعض القنوات أمثال غير الحرة والنزيهة، الذين ينقلون أخباراً مغايرة ومغلوطة ، يحدثونك عبر التلفاز وهم في الخرطوم عن أن الحالة الأمنية في البلاد لم تكن على ما يرام، وأن المواطنين جميعهم قد غادروا العاصمة الخرطوم وشوارعها خالية تماماً من المارة، وأن الأجهزة الأمنية بجميع آلياتها قد احتلت الشوارع والطرقات الرئيسية ومراكز الناخبين، ولم يحضر أحد حتى ساعة الاقتراع في تمام العاشرة وقد أغلقت المراكز أبوابها نسبة لعدم وجود ناخبين، يقولون لك إن شوارع الخرطوم تشهد حالات اشتباك عنيفة بين أنصار المعارضة وقوات الشرطة، وإن سيارات الإسعاف لم تجد طريقها للوصول إلى الجرحى من أجل عمليات الإسعاف والإنقاذ، أي كذب هذا ، وعلى من يضحكون وعن أي مصداقية يحدثون؟.. إن هؤلاء يضخمون قضايا السودان ويخدعون الجميع في كافة بقاع العالم بأن السودان بقعة للدماء والأشلاء والجثث، ولا يعملون أيضاً أن كافة جماهير الشعب السوداني لا تنجرف وراء ادعاءاتهم المزيفة وأخبارهم الكاذبة تجاه الوطن والمواطن، علماً بأن المفوضية القومية للانتخابات قد سهلت من دخولهم إلى البلاد ومنحتهم تأشيرة الدخول إلى الخرطوم وأكرمتهم وأحسنت مثواهم، حتى أن بعض مراسلي إحدى الصحف كان ينقل إلى صحيفته أخباراً مزيفة وغير حقيقية على أرض الواقع، إن هؤلاء المأجورين قبضوا أموال خبطاتهم الصحفية الكاذبة من خزانة الكيان الإسرائيلي الذي يملك إحدى الفضائيات الكبيرة والمثيرة للجدل. ، لو كان هؤلاء فيهم روح الصدق والأمانة الأخلاقية لنقلوا الصورة كما هي، من غير إضافة أو تهويل، وحتى أن أ مراسلي إحدى الفضائيات كان ينقل حديث المعارضة وأن أنصار الحزب العتيق وهو على الهواء مباشرة، يقول إنهم على أعتاب بوابة القصر الجمهوري في الخرطوم، وما هي إلا لحظات وانكشف الزيف والنفاق وأصبحت القنوات ووكالات الأنباء في حيرة من أمرها بعدما علموا بأن الأحوال في كافة أرجاء البلاد تسير عكس ما خطط لها، وأن الناخبين بكثافة في كافة مراكز الاقتراع، ولم يحدث ما يعكر الصفو ويثير الإضطرابات، علماً بأنه ولأول مرة في العالم، يقوم الإتحاد الأوربي بإرسال بعثة مراقبة من عدد كبير من المراقبين تقوم الأجهزة الإعلامية في كافة أنحاء العالم بأكبر بعثة تغطية ، حتى أن الانتخابات الأمريكية السابقة التي أتت بالرئيس أوباما لم تجد حظها إعلامياً مثل الانتخابات السودانية. الكل كان يترقب الحدث على أساس أن العملية الانتخابية في السودان بالنسبة للأحزاب هي حياة أو موت، فانسحب عدد كبير من الأحزاب من السباق الانتخابي ومرت الأحوال على أفضل ما يكون وهم لا يعلمون بأن السودان حتماً لن يكون مثل كينيا وزيمبابوي وإيران وغرقزيا، في التركيبة القبلية والعقائدية والدينية، ويمكن أن يسقط الجميع في امتحان السياسة والأخلاق إلا الوطن باعتباره خطاً أحمر دونه المهج والأرواح، فسقطت فضائيات الغرب في تغطية أخبار السودان، وسقطت قبلها المباديء والأخلاق والأمانة والقيم..