الكرة المصرية هي العراقة والاصالة والخبرة والدراية ولا شك في ذلك.. وكانت أمنياتنا جميعاً أن تمثل مصر الأمة العربية والإسلامية في منديال جنوب أفريقيا القادم.. إلا أن المستديرة(المجنونة)لا يمكن التنبؤ بنتائجها.. أول أمس استضافت الخرطوم المباراة الفاصلة بين مصر والجزائر للوصول إلى نهائيات كأس العالم القادم.. لكن مصر بالرغم أن قلوبنا ووجداننا معها لم يحالفها الحظ بشرف الفوز... وهذا لا يعني خسارة.. فلولا كفاءة الفريق المصري لما وصل لهذه المرحلة...وثقتنا أن تمثل مصر العرب وتصل إلى نهائيات كأس العالم بعد القادم. حقيقة كانت أجواء اللقاء مشحونة بالتوتر والاستعداد للاشتباك والعنف كان بادياً على وجوه المشجعين الجزائرين بوصولهم مطار الخرطوم ولذا استشعرت قوة الأمن السودانية النوايا... ورسمت خطة أمنية محكمة للسيطرة على أي تفلتات أمنية أو ردع كل من تسول له نفسه الخروج على القانون.. وكما عهدنا قواتنا الأمنية بكفاءتها ومقدرتها التامة لاحتواء المواقف الصعبة.. كانت كل منافذ الخرطوم ومداخلها مؤمنة تأميناً شاملاً... وجندت حوالي خمسة عشر ألف جندي لتأمين الموقف كاملاً ووضعت استراتيجية أمنية كاملة لحماية البعثة المصرية والجماهير التي وصلت للخرطوم.. انطلقت صافرة المباراة وسط جو من التوتر والانفعالات الزائدة من لاعبي الفريقين.. لكن بعون الله انتهت المباراة بسلام وحتى صافرة النهاية وانتصر المنتخب الجزائري... وله منا التهاني وبدلاً من أن يستمتع الجزائرون بحلاوة النصر.. أبدوا شعوراً من العداوة وتبديل بهجة النصر إلى مرارة واحزان .. ويسأل الجميع هل كان مجيئهم للسودان لمساندة فريقهم أم في نفوسهم غل وضعائن أرادوا أن يتنفسوا بها متخذين أرض السودان الكريم المضياف ساحة لمنازلة إخوتهم من المشجعين المصريين. نحمد الله كثيراً أن السودان كان أرضاً للمباراة وأنه لاختيار صائب من جانب إخوتنا المصريين... ومن جانبه لم يقصر السودان فلعب الأمن دوره وأحكم تأمين الموقف وحفظ الأرواح والمهج من أراقة الدماء.. وحق على مصر والجزائر أن تتضرعاً إلى الله ساجدين خاشعين لأن الله حماهم ولولا ذلك لشهدنا مجازر ومذابح وأرواحاً تزهق ربما بالآلاف إذا كانت المباراة اقيمت في بلد غير السودان. ولكننا نقول إنه لمن المحزن والمؤسف أن تتعالى أصوات بعض المشجعين باتهام أجهزة الأمن السودانية بالتقاعس عن أداء واجبها والجماهير السودانية بأنها ساندت الجزائريين في أفعالهم التي شجبها أي سوداني.. لأن التقاليد السودانية لا تسمح بأن يهان الضيف أو تنقص كرامته.. ولحبنا اللامحدود لمصر وأهلها الكرام.. والعلائق الأزلية التي صاح بعض المشجعين المصريين بأنها لم تعد لها فاعلية.. نقول لو سألوا أخوتنا المصريين الذين يعيشون بين ظهرانينا اعتباراً من البعثة الدبلوماسية وحتى أي مصري يعيش في السودان لو جدنا لديهم الجواب السامي ليقول من هم السودانيون ونوعية طبائعهم واخلاقياتهم.. ومع كل ذلك فإن مصر الشقيقة الكبرى ستظل في حدقات عيوننا بالرغم من السموم التي أطلقها البعض المليئة بالأكاذيب والتهم العارية من الصحة.. مرة أخرى التحية والتجلة للأمن السوداني الذي حافظ على الأرواح والتحية أيضاً لشعبي وادي النيل.