لم يجد الأستاذ الدكتور عبد الوهاب الأفندي الأكاديمي، وأستاذ العلوم السياسية ببريطانيا.. والملحق الإعلامي الأسبق في سفارتنا بلندن في عهد الإنقاذ، التي أوفدته إلى هناك، فقلب لها ظهر المجن عندما انتهت فترته ورفض العودة، وفضل البقاء في عاصمة الضباب، ليكيل السباب لأولياء نعمته السابقين من الفضائيات المفضل لديها.. ومثل غيره من (الحيارى).. لم يجد أفندينا من ذخيرته اللغوية الوافرة، وعلمه الأكاديمي الغزير، ما يزين به عباراته غير جملة واحدة (إنه لوصح فعلاً)!! وهذا ما يمثل حالة الصدمة التي يعيشها أفندينا الذي كان يتوقع أن يكسب المؤتمر الوطني الانتخابات، لا أن يكتسحها، (وأتهم أفندينا الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية، ونائب رئيس المؤتمر الوطني صراحة بالتزوير، عندما قال: المؤتمر الوطني أدار الانتخابات بطريقة حرب الخنادق، وهي طريقة تقوم على عدم التقدم إلى الخطوة الأخرى، إلا بعد التأكد من ضمان الخطوة السابقة.. وهذا يفسر لماذا تم تكليف نافع للقيام بهذه المهمة، لخلفيته العسكرية والأمنية، ولم تُسلم لقيادي آخر معروف بالقدرات السياسية.. والآن نافع أكمل المهمة، ورفع التمام للرئيس.. لكنه زود الأمر حبتين). .. آه وليت الأمر مجرد اتهام للدكتور نافع، ولكنه اتهام مبطن كذلك للسيد الرئيس، الذي رفع نافع له التمام!! ولم يقطع أفندينا بأي تزوير، بل استبعد فرضية تبديل الصناديق وقال: (إن المؤتمر الوطني مهما أوتي من قوة لا يمكنه أن يزور في كل أنحاء السودان دون أن يكشفه أحد، ونحن نعلم أن المجتمع السوداني مكشوف بالكامل !!) (طيب يا افندينا ما تورينا إيه الحصل؟ هل اختفى السودان الذي تعرفه أنت؟ وهل حدث زلزال كبير أكبر بكثير من قضية الانتخابات!، يقول أفندينا (فرضية إن كل هؤلاء الناس صوتوا للمؤتمر يصعب تصديقها)، أنظروا إنه يقول (فرضية لأمر حادث أمام ناظريه) والحمد لله إن قال يصعب تصديقها، ولم يقل يستحيل تصديقها، ويواصل أفندينا تحليله في صحيفة الأحداث فيقول: (وأصعب منه تصديق إن المعارضة في معاقلها المعروفة لم تحصل على أصوات، والمهم عندي حالياً في هذه الانتخابات، وهو الأمر الذي يصعب تفسيره، أن المجتمع السوداني تغير وأنقلب، بحيث أن الختمية يرفضون بشكل جماعي الإنصياع للميرغني الذي طالبهم للتصويت لحزبه)، ألم يقرأ أفندينا الرسالة المفتوحة التي وجهها آل بشير أغا الخلفاء أولاد الخلفاء للسيد محمد عثمان، يطالبونه فيها بدعم مرشح المؤتمر الوطني صلاح قوش بالدائرة (5) مروي أحد معاقل الختمية!؟.. وبالتأكيد لم يسمع أفندينا بما قال به الناخبون لمندوب السيد الذي أبلغهم تحيات السيد ووصيته بالمواظبة على الأذكار والموالد، والتصويت لصالح مرشح السيد.. فردوا عليه (أما الأذكار والمولد فنعم، أما التصويت فلا وألف لا)، وما جرى في الشمالية تكرر في نهر النيل، الشيخ الجعلي في بربرلا يسمع كلامه).. حسب كلام أفندينا.. وهكذا في بقية أنحاء السودان الذي يعرفه أفندينا. ومثل حيرة أفندينا يعاني الإمام الصادق، من فقدان بوصلة تحديد الاتجاهات السياسية لجموع الشعب السوداني، التي يسرت لاستيلاء حزب أقلية (المؤتمر الوطني) على السلطة في بلاد متعددة الديانات!!.. (من مقال للإمام الصادق في صحيفة الشروق المصرية) بعنوان: (كيف فقدت انتخابات السودان معناها ؟ وما العمل؟).. ولن نتطوع بالإجابة على سؤال الإمام بقولنا له.. الزم الجابرة.. واكتب المزيد من النظريات.. وأقرأ المزيد من الكتب.. وواظب على الراتب.. وخاطب الناس عامة والأنصار خاصة بما ينفعهم في دينهم ودنياهم.. وحاول إعادة بناء حزب أمة (قومي)، لا أُسري تخوض به الانتخابات القادمة، إذا مد الله في الأجل، مع خالص الدعوات بأن يبارك الله أيامكم ويحسن ختامكم.. فالتغيير من سنن الحياة، والدائم الله وحده، وانتخابات 2010م ليست نهاية الدنيا على كل حال.. لكنها صفحة جديدة في الحياة السياسية السودانية، لن يجدي معها التبويب السياسي القديم.. فلن يظل الحزبان الكبيران في المقدمة إلى الأبد.. فقد برز حزب جامع اسمه المؤتمر الوطني.. رئيسه هو المواطن الفقير عمر البشير.. ونائبه السياسي هو د. نافع جداً، وهو أستاذ جامعي يحمل درجة الدكتوراة من أمريكا قبل أن يحصل الأفندي على الدكتوراة بعقود .. واحترف السياسة والعمل التنظيمي منذ عهد الطلبة.. وتقلد عدة مناصب، وتبوأ مكانة عالية.. بجسارته التي تجمع بين خشونة الفاظ البادية، ونعومة الدبلوماسية الغربية التي يتبتل في محاربيها المستغربون، ولو كان للحزب أوسمة ونياشين لطالبت برفعها للدكتور نافع علي نافع وفريق العمل الذي يقوده، لاخراج هذا الفوز الكاسح وغير المسبوق، والذي غير وجه السودان الطائفي.. وكسر الحلقة الجهنمية التي تدور فيها بلادنا منذ الاستقلال (حزبية... انقلاب عسكري.. ثورة شعبية.. وهلم جرا) وبطريقة حرب الخنادق كما وصفها أفندينا.. طيب مالو!!.. فالعبرة بالخواتيم. كل ما حدث يصعب تفسيره.. ويصعب تصديقه.. ولو صح فعلاً.. هكذا يتحدث الأكاديمي الكبير والمحلل السياسي والكاتب القدير، فتذكرت حديث ذلك (الفكي) من غرب أفريقيا وهو يفسر بعض الآيات الكريمة في أحد مساجد كسلا.. قال والسماء ذات الهُبك (الحبك).. السماء هي السماء التي تعرفونها أنتم ونعرفها نحن.. أم الهبك فشئ ( لا نعرفه نحن ولا تعرفونه أنتم)!! أفادك الله يا شيخنا وهذا هو المفروض..