عفواً لأصدقائنا في المنبر الانفصالي للمهندس الطيب مصطفى، وعفواً لكل من يتمنى رؤية السودان ينشطر لدولتين وتصبح كل دولة منقسمة قابلة للانقسام لأكثر من دولة.. لن أناجي أحداً من أجل قناعتي بالوحدة.. ولو كان الخطاب الموجه للقادة القابضين على «دركسون» الدولة والحزب يجدي لبعثنا الرسالة لهؤلاء جميعاً، وإن كان ثمة أسباب ودواعي للتخصيص لكانت وجهة الخطاب للأستاذ علي عثمان محمد طه، الذي لوعيه وسعة أفقه يجعله الكثيرون فارس الرهان الذي لا يخيب.. مسؤولية علي عثمان السياسية والتاريخية والأخلاقية تكمن في السعي بجدية لوحدة وهنت أسبابها وضعفت احتمالاتها.. ولكن المعجزات لم تنصرم بعد في هذا العالم ويظل الإنسان يأمل حتى في السراب لتحقيق الآمال المرتجاة.. كلما تذكرت قصة الأستاذ عبد الرحيم مكاوي وأصدقائه المايويين الرشيد الطاهر ومرتضى أحمد إبراهيم، وهما يترددان على مكتبة عبد الرحيم مكاوي أحدهما لشرب القهوة والثاني يبحث عن جديد المطابع، حيث سأل عبد الرحيم مكاوي أحدهما: لماذا لا تهتم بالقراءة؟ فقال صديقه ساخراً: (هذا شخص تم فصله من الوزارة وأنا لازلت حاكماً.. أنا أحكم وصديقك يقرأ الكتب)..! كلما تذكرت طرائف الشيخ عبد الرحيم أيقنت بأن الكتابة لا تغير شيئاً ولكنها تؤثر على الوعي الجمعي العام للسودانيين، أما الذين هم في السلطة (لا وقت لهم يضيعونه في الكلام الفارغ). لماذا لا نشجع دعوات علي عثمان الصادقة للوحدة ونعمل من أجلها، ونبحث عن كل مؤمن بوحدة السودان ونؤسس منبراً للوحدة نجعله لمخاطبة الوحدويين.. شعاره (السودان بلدنا).. منبراً نقتطع له من مال البترول الذي يذهب جنوباً ومال البترول الذي يذهب شمالاً.. نصدر بالمال صحيفة وقناة تلفزيونية.. معاً نحارب العنصرية ونشيع ثقافة الوحدة التي (تحتقر) الانفصاليين دون غمط حقوقهم في التعبير عن مصلحة السودان الموحد بإرادة أهله، أن يتحدث منبر الطيب مصطفى ومنبر بيتر سولي.. نقاوم الانفصاليين الشماليين ونقاوم الانفصاليين الجنوبيين بالوعي والثقافة والفن والرياضة.. لن نقاوم الانفصاليين بآليات الراحل د. جون قرنق الذي غيب الانفصاليين الجنوبيين عن الحياة. ما الذي يجعل كردفانياً أو دارفورياً يمضي في ركب الانفصال مغمض العينين، يحس الأشياء ولا يعيها يجعل من نفسه (جنوبياً) جديداً في دولة الشمال المنفصلة، والجنوبي المعني ليس في شلوخة أو شعره (القرقدي) لكن في مفهوم الجنوبي القديم الذي من أجله جعلت نيفاشا القسمة للسلطة عادلة وقسمة الثروة عادلة، لكن من أسف هذا الشعب في مناخ العدالة تتعالى صيحات الانفصال.. الجنوبيون كانوا مظلومين في دولة ما قبل نيفاشا.. أما بعد نيفاشا فقد نال كل إنسان حقوقه بإحسان لكن أكثر الناس لا يعلمون!. إبان الثورة الأمريكية كان وليام جيفرسون من دعاة الحرية، وقال صادقاً: الحرية حق طبيعي.. وكان أيضاً صادقاً وهو يسعى لتأطير مبادئه دستورياً، إلا أنه كان سيداً في ذات الوقت لثلاثين من الرقيق، وكانت له أمَة أنجب منها ابنته «سالي»، وهو الذي كان يدعو لتحريم التفرقة بين الأعراق المختلفة ولم يدرِ تناقض مواقفه وأفعاله، وحتى لا يصبح أحدكم جيفرسون فلنبدأ اليوم في تحديد خياراتنا، نحن مع الوحدة وهم مع الانفصال، لكلٍّ طريقته ولكلٍّ حريته، ولكن ليست على طريقة الوزيرة سامية أحمد محمد، التي دعتنا في يوم ما لتسخير أقلامنا من أجل وحدة السودان، وكان من بين الحضور اثنان من كتاب وصحافيي منبر السلام العادل!.