بعث لي الأستاذ محمد حسين من المملكة العربية السعودية، مشكوراً، برسالة تحتوي على نص مقال بقلم الكاتب والباحث السعودي عمر المضواحي مساعد رئيس تحرير جريدة (الوطن) السعودية تحدث فيه عن ملامح الشخصية السودانية كما عرفها وقدم من خلالها صورة قلمية شفيفة عن الخلال والخصال التي تميز هذه الشخصية عمن عرفهم من الشعوب الأخرى. ولدي تأملي المقال، على قصره وجدت أن الأستاذ المضواحي قد اقترب جداً من حقائق المزاج الاجتماعي والسلوكي والنفسي الذي يميز السودانيين عن سواهم ويجعل منهم سودانيين حقاً، واكتشف بالمعيته وذكائه اللماح أبعاد هذه الشخصية وحاول تقديمها كما فهمها حقاً على غير الصورة النمطية التي تقدمها معظم أجهزة الإعلام المرئية عبر شاشاتها ويبدو أنه يكتب في أعقاب زيارة له للسودان هيأت له أن يقترب من السودانيين وسجاياهم السمحة وكرمهم الطبيعي الذي أسره وجعله يقف على حقائق هذه الشخصية التي تمتاز بها عن غيرها في الكثير الذي يستحق الانتباه والتأمل. الأستاذ المضواحي لم يكن بالقطع هو أول من استوقفته مزايا الشخصية السودانية ودفعته لكتابة انطباعاته تلك، فقد سبقة إلى ذلك كثيرون في أزمات مختلفة، منذ أيام الاستعمار حين عاد كثير من المديرين والمفتشين الانجليز إلى بلادهن ليسجلوا انطباعاتهم الإيجابية وإشاراتهم وشهاداتهم الموثقة عن تلك الشخصية السودانية وفرادتها التي ميزتها من بين الأمم، لكن الأستاذ المضواحي يستحق الشكر وجزيل الثناء لهذا الانصاف والكلمات الطيبات في حق شعبنا، خصوصاً في هذا الوقت الذي تكاثفت في سماء السودان غيوم القلق والأحزان والغبائن التي كادت تفقد هذا الشعب بعض تلك الخصال السمحة والخلال النبيلة التي سارت بذكرها الركبان.. فإلى مقال الأستاذ المضواحي مع الامتنان المستحق للأخ محمد حسين الذي يفرح لكل كلمة طيبة في حق وطنه ومواطنيه، دليلاً على حبه وحرصه على السودان والسودانيين: *** السودان، عند اكتشاف إنسانه في الداخل، وطبيعته البكر، ومنجم الفرص الوفيرة فيه، هو شيء آخر غير ما تعرضه جل الشاشات الفضائية العربية والعالمية. وعندما تزور هذا البلد، كن ابن من شئت واكتسب أدبا، فقط أزل قشور القناعات الزائفة، وتطهر من رجس عنصرية اللون والعرق والمذهب، وترفع عن ظلم المقارنة، وأعد البصر مرتين: مرة بعين الإنصاف، وأخرى بروح المحبة، حينها سترى المعدن النفيس، وستلمس المثل الحي للمجتمع المطمئن، وللإنسان في أحسن تقويم. هم ليسوا ملائكة، ولا ينبغي لهم أن يكونوا في عالم تسكن في جنباته أرواح الشر وخناس الشياطين، لكنك حيثما تولي وجهك في هذه القارة الشاسعة، سيأسرك فيض المحبة المحضة، والبساطة في أغنى صورها. سترى بياض قلوب أنقى من العمائم المسربلة، وخفة أرواح بشرية تسبق أذرعهم المشرعة دوما للاحتضان وربت المتون والأكتاف. ابتسام بدون تزلف، وعطاء بلا منة يتبعها أذى، وريح طيبة تأسرك في سر البذل مع العدم، بروح من القناعة والوداعة والصبر الجميل. في السودان سدة الكرم العربي ولا جدال، وسدرة منتهى الكبرياء والتعفف ولا رياء، وفيهم وعنهم تتضاءل كل حكايات مكارم الأخلاق وطيب المعشر ولا تزلف.إنسانه حر يتنفس أصالة وعراقة وحبا للغريب، تكسر ثورة غضبه كلمة اعتذار، ولا يتورع عن ردم تجربة قاسية معك ملؤها الخطأ وكسر الخاطر. ولا يتردد لحظة عن إطفاء شمس غضبه السريع والمندفع، ليتحول في لحظات إلى شجرة(دليب) معمرة تمد ظلا طويلا يتجاوز محطات العفو والصفح والتسامح. السودان شيء آخر فاكتشفوه. الكاتب عمر المضواحي .. جريدة الوطن السعودية