السودان الذي أنجب ( ومهيرة بت عبود ورابحة الكنانية).. جدير باحتضان مقر اتحاد الشباب الأفريقي.. الحديث عن السودان ذو شجون، وهو من ضمن الدول الكبار في أفريقيا.. وعاصمة اللاءات الثلاثة (الخرطوم) جديرة بإلهام شعوب أفريقيا، ومدّها بالخبرات والتجارب الثرة.. يعتبر السودان أكثر الدول العربية توغلاً في جسد أفريقيا، وقد أعطته هذه الميزة بُعداً استراتيجياً عبر التاريخ وخلال الحاضر، حيث تعتبره جميع الكتابات الاستراتيجية المعبر العربي إلى أفريقيا سياسياً وجغرافياً وحضارياً، والجسر الذي تتعاون فيه الحضارتان الإسلامية والأفريقية، لا بسبب موقعه الجغرافي فحسب، لكن بحكم تكوينه السكاني، حيث يتشكل السودان من أعراق متعددة يندمج فيها الجنس العربي والأفريقي، كما تلتقي فيه الحضارة الإسلامية بالحضارة الأفريقية.. وتنظر الدوائر الاستراتيجية الغربية إلى المقدرات الاستراتيجية للسودان، باعتبارها دولة حال تمكنت من النمو والتطور والاستقلال الحضاري، فإنها ستحدث انقلاباً خطيراً في الوضع الاستراتيجي في المنطقة المحيطة به، وفي منطقة وسط أفريقيا ومنطقة القرن الأفريقي، وفي السيطرة على البحر الأحمر.. السودان كما هو معروف ساند حركات التحرر الأفريقي، حيث استقبل في أغسطس 1962م المناضل الأفريقي الأشهر نيلسون مانديلا ورفيقه أوليفر تامبو، وتم منحه جوازاً سودانياً ودعماً مالياً مقدراً لدعم حركة التحرر فى بلاده.. احتضان الخرطوم لمقر اتحاد الشباب الأفريقي سيكون له ما بعده خاصة وأن السودان? كما قالوا عنه- بمثابة سدة الكرم العربي ولا جدال، وسدرة مُنتهى الكبرياء والتعفف ولا رياء، وفيهم وعنهم تتضاءل كل حكايات مكارم الأخلاق، وطيب المعشر ولا تزلف.. إنسانه حُر يتنفس أصالة وعراقة وحباً للغريب، تكسر ثورة غضبه كلمة اعتذار، ولا يتورع عن ردم تجربة قاسية معك ملؤها الخطأ وكسر الخاطر.. ولا يتردد لحظة عن إطفاء شمس غضبه السريع والمُندفع، ليتحول في لحظات إلى شجرة «دليب» مُعمرة تمد ظلاً طويلاً يتجاوز محطات العفو والصفح والتسامح.. وموضوع? احتضان الخرطوم لمقر اتحاد الشباب الأفريقي- حدث مهم دون شك وسيُعيد إلى السودان دوره الحيوي والاستراتيجي ومكانه الطبيعي في قلوب الأمة الأفريقية.. جدير بالذكر أن السودان من أوائل الدول الأفريقية التي نالت حريتها واستقلالها، وصار صاحب تجربة فذة في مجال النضال، ومكافحة الاستعمار، ومعرفة خططه وخباياه وأسراره، بل رسم بالكلمات مشاهد عادت بين الورى أدبيات ذات قيمة، مما جعلها تُراثاً سودانياً أصيلاً حين يُذكر النضال، لذلك ظهرت العلاقة الحتمية بين السودان ودول أفريقيا، بصرف النظر عن بعدها عنه أو قربها منه، إذ إن المسافة هنا لا تمثل عائقاً أو سداً منيعاً، لذا اتجه نحوه المناضلون من شتى أنحاء إفريقيا، من الدول التي آثرت الكفاح ضد الاستعمار.. كما أن التراث الشعبي السوداني بما فيه من فنون وآداب شعبية يعبر عن الحياة بما فيها من أفراح وأحزان دون كذب أو رياء، فهو تراث فكري لحياة الشعوب لما يتضمنه من قيم روحية، وفنون أدبية شعبية، وموسيقى ورقص، لذلك انساب الفن السوداني بصورة سلسة وعذبة إلى آذان شعوب الدول الأفريقية وعلى رأسها تشاد وأثيوبيا، نيجيريا، ارتريا وغيرها، فنجد أن غناء العملاق محمد وردي عبر أدغال أفريقيا، إضافة إلى ذلك إعجاب شعب نيجيريا بالفن السوداني، ونلحظ سفر دوري لمعظم أعمدة الغناء السوداني إلى نجيريا.. الشيء المهم والمطلوب هو دور الشباب الأفريقي في قيادة القارة ومُعالجة قضاياها الرئيسية، وعلى رأسها مُكافحة الأمراض المستعصية كالإيدز، والملاريا، وغيرها، والقضاء على الفقر والأمية.. نعم القارة الأفريقية تنتظر الكثير من الشباب لإعلاء كلمتها والدفاع عنها، والحفاظ على دورها القيادي والريادي.