الكلمة المفردة واحد -تدل على أول عدد من الحساب - تُذكَّر كقوله تعالى: «إن إلهكم إله واحد»، وتُؤنَّث كقوله تعالى: «إنّ هذه أمتكم أمّة واحدة».. ومن مشتقاتها كلمة أحد التي لا يوصف بها إلا الله تعالى- قل هو الله أحد! وتفرّعت مشتقات اللغة، وتعددت معاني مفرداتها ومن بين هذه وتلك جاءت كلمة وَحْدة بفتح الواو، وتطلق على الانفراد- كقول المتنبي في وصف الأسد: في وَحْدة الرهبان إلا أنّه... *** لا يعرف التحريم والتحليلا وازدادت الكلمة اتساع معانٍ، فأُطلقت على اجتماع القوم واتحادهم في بلد أو فكرة.. الخ، وفي كل هذه المعاني.. تأتي الكلمة في أفصح استعمالها.. بواو مفتوحة، ولم يوردها- صاحب لسان العرب- إلا كذلك حيث قال: وحكى سيبويه «الوَحْدة في معنى التوحّد، ومن المعلوم - أن العرب يحبُّون حركة الفتح كلما كان ذلك ممكناً ومنسقاً مع لغتهم، وليتنا لو حرصنا في خطابنا الإعلامي- على نطق الكلمة مفتوحة الواو، ومن المعلوم أن الإعلام مدرسة مؤثرة جداً. ومن معاني الوَحْدة- عبر القرون- أنّ منها.. ما عرف عند أهل التصوُّف بوَحْدة الوجود حيث يجعلون العالم كله متحداً في الذات الإلهية؟! وهو مذهب ظهرت آثاره عند جيل من الشعراء الذين يجمعون بين الشعر والفلسفة، ومن هؤلاء الشاعر المبدع التجاني يوسف بشير، وفي قصيدته الصوفي المعذب-إشارات وإيحاءات- من هذا المذهب، كقوله: كل ما في الكون يمشي *** في حناياه الإله هذه النملة في رقتها *** رجع صداه هو يحيا وفي حواشيها *** وتحيا في ثراه أما أهل الفنون والآداب فتحدثوا عن الوَحْدة الفنية أو قل العضوية في العمل الفني بحيث ينم عن إحساس واحد كعصارة الماء تروي كل أجزاء الشجرة وإن اختلف اللون والطعم!، وأهل السياسة في بلادنا سلكوا سبيل وَحْدة وأدي النيل فكرة سياسية توحّد بين السودان ومصر، ثم وسع الزعيم جمال عبد الناصر والقائد الأممي القذافي ما عرف بالوحدة العربية، ونشأت بصورة أشمل وحدة الأمة الإسلامية.. وإن ما يجري في بلادنا الآن، من إعلاء الأصوات الوطنية الداعية لاستدامة دولة السودان دولة موحدة، فيما يعرف بالوحدة الوطنية إن ذلك الهدف تدعو له بوعي كل الأفكار الوطنية الناظرة بعيون ثاقبة، وإن صوت السيد الرئيس البشير هو أوضح هذه الأصوات، وكما يقول نأمل أن نسلّم أجيالنا الحاضرة والآتية بلداً واحداً متحداً، مثلما سلّمنا أياه أجدادنا في الشمال، والجنوب، ونحن نقول إن الكلمة الهادفة، هي أقصر الطرق لتحقيق وَحْدة يشيع فيها العدل، والسّمو فوق النظرات الضيّقة، ولفنوننا وآدابنا، دورها في بلورة ما ندعو إليه بلغة سهلة ونغم جميل وحركة ماثلة شاخصة تزيد الناس تقارباً ومحبّة! *** والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.