لأسباب العمل، ولارتباطات سابقة، لم أستطع أن ألبّي رغبة بعض الأصدقاء الإيرانيين، في تمديد فترة زيارتنا إلى «طهران» التي امتدّت لثلاثة أيام، وفضّلت وصديقي البروفيسور عبد الرحمن أحمد عثمان، أن نعود أمس، من هناك، فجر السبت (أمس) لنكون في الخرطوم ظهر نفس اليوم.. ولكن.. تقدرون فتضحك الأقدار. شهدنا في «طهران» الحدث الذي دعينا للمشاركة فيه وهو الاحتفال بالفترة الحادية والعشرين لرحيل الامام الخميني، واعتذرنا عن المشاركة في رحلة إلى احدى المدن البعيدة يوم أمس، رغبة منا في العودة لأرض الوطن.. ورفضنا دعوة كريمة من صديقنا «أبو محمود التميمي» الذي تعرفنا عليه في «طهران» لزيارة إقليم خورستان جنوبإيران ول (أبو محمود) قصص وقصص نرويها لاحقاً بإذن الله ومن خلال رصدنا لرحلتنا إلى إيران وما عايشناه وشاهدناه خلالها. غادرنا الفندق الذي أقمنا فيه عند الثانية والنصف صباحاً لتوقيت «طهران» أي الواحدة صباح السبت بتوقيت «الخرطوم»، «والدوحة» التي أصبحت محطة إرتباط بيننا وبين الوطن، وظللنا بمطار الامام «الخميني» إلى أنّ أزفت ساعة الطيران، عند السادسة وخمس دقائق؛ لنصل إلى «الدوحة» بعد ساعة ونصف، أي في السادسة وخمسة وثلاثين دقيقة، صباحاً، بتوقيت قطر، لتبدأ تفاصيل رحلة العذاب مع الخطوط القطريّة. صعدنا إلى الطائرة، وكان رقم رحلتنا (522) وتوقّعنا أن نغادر في الموعد المحدّد من قبل، وهو الثامنة إلا ربعاً لنصل «الخرطوم» عند الحادية عشرة والنصف صباحاً، أو نحو ذلك، إلاّ أن مفاجأة كانت في انتظارنا، عندما خاطب قائد الطائرة الركاب، ونقل إليهم أن معلوماتٍ قد وصلت إليه في التوّ، تفيد بسوء الأحوال الجوية في السودان، الأمر الذي يتطلب منا الانتظار قليلاً، حتى تتّضح الصورة و«الرؤية»، وبقينا داخل الطائرة لأكثر من ساعة والمعلومات تصل (بالقطارة) واستعنّا بأهلنا في السودان؛ لمعرفة ما يجري هناك، وعرفنا أن غباراً كثيفاً يحجب الرؤية في الخرطوم، وظللنا في مطار الدوحة، ننتظر لساعات طويلة مملة، إعلان موعد قيام الطائرة، واكتشفنا أنّ هذا التأخير «متعمّد» حتى بعد أن صفا الجوّ في الخرطوم؛ ليتم إلحاق ركاب رحلتنا رقم (522) بركاب الرحلة الثانية، التي كان من المقرر أن تنطلق عند الساعة السادسة وخمس دقائق، وهي تحمل الرقم (520) وبالفعل تمّ تحويل بطاقات الصعود إلى الطائرة، لتحمل رقم الرحلة تلك الرحلة.. ولكن.. تقدّر شركة الخطوط القطريّة وتضحك الأقدار مرة أخرى، لتسوء الأحوال من جديد، ونظلّ في مطار «الدوحة» مشرّدين بالصالات الواسعة، وبيننا مرضى، ونساء، وكبار سنّ، وأطفال، دون أن نجد كلمة اعتذار أو ضيافة لائقة، أو كلمة لطيفة، تمتص إرهاق الأجساد المنهكة، وما ترسّب في نفوسنا تجاه «القطرية». ما حدث للمسافرين يوم أمس، بسبب الخطوط «القطريّة» لا يشبه هذه الخطوط التي كانت مضرب المثل في الانضباط والضيافة، وحسن المعاملة، ولنا معها تجارب عديدة.. والأمر يتطلب الآن من إدارة هذه الشركة اعتذاراً شديداً لكل الذين عانوا، ولاقوا الأمرّين، وكانت هي السبب في معاناتهم، وما لحق بهم من أضرار.