طغت تعبيرات الدهشة والاستغراب على التعامل الصحفي مع المنتخب الوطني لكرة القدم (صقور الجديان) بعد مباراتهم مع فلسطين وجاءت المطالبة قوية بعودة الحرس القديم على أساس أنه صاحب الخبرة وكأن أصحاب الخبرة أماكنهم دائماً محجوزة في المُنتخب سواء كانوا لحظة الاختيار محتفظين بمستواهم أو بعيدين عنه لأنهم على حد قول المطالبين بهم خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو تخطيه وبهذا يكون المنتخب مسرحية هزلية للهلال والمريخ. إن النظرة للاختيار للمنتخب يجب ألا تكون على أساس وجود نجوم الهلال والمريخ من عدمه فالمنتخب ليس كيكة يقتسمها نجوم القمة ومحدودية نجوم الفريقين في صفوفه يجب ألا تفقده التعاطف عند جماهير هذين الناديين فالمنتخب ملك لكل الأندية من نمولي حتى وادي حلفا واختيار المجموعة الحالية لم يأت من فراغ ولا مجاملة ولو أراد الذين اختاروا طريق المجاملة لكان التركيز بالكامل على السيدين! ولكن الاختيار جاء من واقع أداء اللاعبين في الدوري الممتاز وجاء على أساس أن تكون المرحلة القادمة لمزيد من البناء ونجوم الخبرة الذين يتمشدق بهم البعض لم يولدوا وهم مسلحين بالخبرة بل اكتسبوها عبر التجارب القوية مع الأندية والمنتخبات وبفرص المشاركة يتولد الإبداع والمنافسة وبناء المنتخب القوي، فكم من نجوم أخذوا طريقهم للمنتخبات وكانوا نجوماً عاديين بنظر جماهير القمة لهم ولكن المستقبل كان ينتظرهم بنظر المدربين ونظراتهم الفنية لا تخطئ فأصبحوا نجوماً متوهجين في الفرق والمنتخبات وعودة للوراء قليلاً فإن ذاكرة التاريخ لا تنسى منتخب سبعين الفائز بأمم أفريقيا وكان يضم في تشكيلته الرئيسة نجم الدين من النيل الخرطومي وحسبو الصغير من بري وجيمس من التحرير وغيرهم من نجوم الأندية الأخرى والأقاليم، والتاريخ أيضاً لا يغفل منتخب يانكو الذي ضم عصبة من الموردة وشرف من النيل الخرطومي وأحمد عدلان وتشتش من التحرير وغيرهم من النجوم. إن أحمد بابكر ومازدا لا يلامان إذا كان تركيزهما على المستقبل وعلى اللاعبين أصحاب العطاء على البساط الأخضر وعلينا نحن كإعلاميين أن نعمل على زيادة الوعي بأهمية وحتمية أن يكون المنتخب لكل أندية السودان وألا نجنح في المغالاة من أجل سيطرة الناديين وعلينا أن نعمل لكي نرى مستقبل المنتخب في عقل ووجدان كل أبنائه وليس الهلال والمريخ فقط.