وقعت تحت يدي ورقة للكيميائي «د. أسامة سيد أحمد» كجزء من دراسة مقدمة لمركز الخرطوم لتدريب دراسات الملكية الفكرية بعنوان «نحو بيئة نظيفة»- كحق من حقوق الجيل الثالث، لا بل كل الأجيال..! استعرض فيها أثر النفايات «منزلية، صناعية، طبية، تلوث المبيدات، التلوث النفطي.. وغيرها..»، وما تحدثه من مشاكل وأضرار بليغة قريبة وبعيدة المدى.. في ظل غياب سياسة رسمية شاملة وواضحة تقوم على معايير علمية وبيئية من التخطيط وسبل المعالجة لدرء تلك المخاطر..!! ومجمل الدراسة يمكن تلخيصه في أن العاصمة «ريشة في مهب التلوث» الجوي والجوفي..! حيث إنها تحدها من الشمال مصفاة الجيلي.. ومحطتا توليد الكهرباء الحرارية «محطة الشهيد محمود شريف- ومجمع التوليد الحراري.. بقري..»!ومن الجنوب مصانع جياد للسيارات.. ومصانع الحديد بسوبا وغيرها.. مما جعلها نقطة ارتكاز تتجمع فيها معظم الانبعاثات الغازية الناتجة من تلك المنشآت.. حيث إنها تتأثر بالرياح الجنوبية والجنوبية الغربية «يونيو- سبتمبر»، والرياح الشمالية السائدة «أكتوبر- مايو»- ويزداد التأثر كلما اقتربنا من تلك المنشآت في «علاقة طردية»- والغازات المنبعثة من ثاني أوكسيد الكبريت، وثاني أوكسيد النيتروجين، وغاز الأمونيا.. «أو النشادر»، كلها تؤثر في الجهاز التنفسي والمناعي للإنسان، إضافة للرائحة القوية المزعجة..! أما أهم وأخطر ثلاثة ملوثات «البنزين- التولوين- الزايلين»، فإن لها تأثيراً سمياً وتفاعلياً يؤدي إلى آثار سلبية حادة، خصوصاً اذا تفاعل مع الغازات الأخرى..!إن الصناعة وتطورها هي مفتاح نهضة الشعوب.. والإنجازات الكبيرة العملاقة تظل شاهدة على العصر الذي قامت وشمخت فيه.. ودليلاً على أن السنين العشرين الماضيات شهدت تقدماً غير مسبوق في شتى الصناعات، لا سيما في مجال البترول.. والكهرباء.. والسيارات وحتى الطائرات.. الأمر الذي يجعلنا نهيب.. بالدولة إيلاء أمر مخلفات وآثار هذه الصناعات وتأثيرها السالب على الإنسان الإهتمام الذي يتناسب وحجم الضرر الذي تفرزه مشكلة التلوث.. وملاحظة ازدياد حالات الأمراض وتفاقم مسألة التسمم الجوفي الناتج عن دفن بعض النفايات الطبية ومخلفات العمليات الجراحية بالقرب من مصادر الآبار والمياه الجوفية.. فصحة الإنسان وحياته أكبر من أي صناعة..!لقد طرحت الدراسة عدة توصيات منها تركيب أنظمة رصد لمتابعة الانبعاثات الغازية- واستزراع المناطق حول تلك المنشآت بالأحزمة الشجرية ذات القدرة العالية على امتصاص وتفكيك تلك الغازات الى مكوناتها الأولية- مما يحد من خطورتها!.. إذن فمن الحلول الناجعة.. الإخضرار.. وما أنضره من حل، فإن الأشجار نعمة وجمال.. وصحة فلِمَ لا نزرع الأشجار!! زاوية أخيرة: إنسان هذا الوطن يحتمل كل الإبتلاءات.. لأنه يعيش بالبركة.. والتوكل على الله.