أشهر الحدائق في العالم المعاصر وأجملها حديقة «بارك ملي» «PARK MILLI» في طهران، وهي تحفة من تحف العالم الأخضر الجميل.. وأجمل منها الشعب الإيراني الراقي المتحضر الذي يزيد جمال عاصمة طهران روعةً ورونقاً.. وبالتأكيد من أجمل حدائق الدنيا التي رأيتها Hide Park في المدينة العريقة المدهشة لندن «بلد اللندرة يا سيدي شقتيها».. ولمن لا يعلمون ف«لوندره» هو اسم لندن باللغة الفرنسية، ويبدو أن شاعرنا القومي كان مثقفاً في ذلك الوقت أو متأثراً بالصحافة المصرية القديمة التي تسمى لندن- لوندره.. ومن أجمل الحدائق التي رأيتها في العالم ال«Moors» التي تحيط بمبنى الكابيتول في واشنطن والتي تطل على «البوتاماك ريفر» BOTAMAK RIV ER- والتي يتوسطتها «J.F.C center» المركز التذكاري للرئيس الراحل جون كنيدي في واشنطن D.C عاصمة «U.S.A».. أما حدائق «التويلري» وغابة «بولون» في باريس فحدث ولا حرج، وهي شديدة التشابه بغابة السنط في جنوبالخرطوم القديمة والتي ينبغي أن نحرص عليها أشد الحرص كمعلم حضاري من معالم العاصمة.. خاصةً عندما تمر القرون وتزدحم الطبيعة بالحديد والسيخ والأسمنت.. ساقني إلى كل ذلك معلم عجيب من معالم الخرطوم وهي «حدائق الشمس» التي تتفنن ولاية الخرطوم في تسليطها على المواطن المسكين بابتكار حدائق عامة بلا أشجار وبلا ظلال.. وبلا نوافير وبلا مقاعد.. بل هي مساحات محجوزة للشمس والهجير.. تتخللها.. نخلات بائسات لا تقي من الحرور ولا تمنع الهجير.. بل تشقى هي به معنا بعد أن اقتلعت من بساتينها اليانعة في أقصى الشمال.. المسؤولون في الخرطوم معذورون فأغلبهم لم يشاهدوا حدائق الحيوان بظلالها الوارفة، ولم ينعموا بحدائق البلدية في بحري التي أبدع فيها بطران أجمل الأوقات، ولم يقضوا الجمعة في شمبات داخل روضة غناء.. كما لم يشاهدوا مقرن النيلين في الصباح.. فأُغرموا بالشمس الحارقة.. وأغرموا أكثر بالجهة التي تبيع لهم النخيل لا للاستثمار ولكن ليتعذب هو الآخر بشمس الخرطوم الحارقة في حدائق ينعق فيها البوم.. يا هؤلاء احمدوا نعمة الله مياه النيل الدفاقة الراقرقة وآلاف من صنوف أشجار الظل والزينة.. وأنتم لا ترونها رغم أن مشاتل الخرطوم القديمة تزدحم بها ولكن لله في خلقه شؤون.