السوق فينا يسوق هذه حقيقة.. أما الحقيقة الأخرى فهي أن الحكومة نجحت في تطويع الحجر في بناء الجسور، وطوعت الأرض لتخرج لنا منها النفط و..و..و ولكنها فشلت في أن تطوع السوق والكهرباء والمياه، فهذا الثالوث برغم توفر مقومات تطويعه، إلا إنه ظل يمد لسانه ساخراً من المجهودات الحكومية.. وظل شيطانه يهزم كل محاولاتها، فأسعار الخضر والفاكهة واللحوم ترتفع وترتفع ولا تعرف الهبوط، والدولة لا تملك إلا الفرجة، هكذا يقول السوق مثلما تقول حالة الكهرباء والمياه، فعندما أكتمل إنشاء سد مروي جاء الهتاف من هناك من مروي (وداعاً ياظلام الهم) إلا إن الاحتفال انتهى دون أن ينتهي مسلسل القطوعات، رغماً عن انجاز مشروع يعد مشروع القرن، وكذلك حال المياه، فالشخير الذي اعتادت عليه مواسير الخرطوم ما يزال مستمراً في تحدٍ كسب فيه كل الجولات، وما يجري يؤكد أن الإنقاذ تمتلك القدرة على انجاز الصعب، بينما تنقصها إجادة اللمسة الأخيرة في كثير من الأحيان.. وهذا ما يجب أو دعونا نقول ما نحلم بمعالجته في العهد الجديد الذي نتوقع أن يبدأ خلال أيام بوزراء جدد، منوط بهم إجادة اللمسة الأخيرة التي تحقق الأهداف التي يعيشها المواطن ملموسة في حياته. الأمريكي الهوى والمزاج والأجندة باقان أموم طار إلى واشنطن.. طار إلى هناك للحديث عن الاستفتاء أو بالاحرى عن ترتيبات الانفصال، الذي تباركه أمريكا سراً، ولا تستحي أحياناً بالتلويح إلى دعمه جهراً، ومعروف أن باقان أقرب هناك للوبيات القوية من رئيس الحركة الفريق سلفاكير.. فهو -أي باقان- عندما يذهب إلى هناك يتم استقباله استقبال الكبار، وقد تسرب من قبل أن مركز دراسات قريب من البيت الأبيض، قد رشحه من قبل لحكم السودان، ولم يرشح سلفاكير بحكم أن الشاب باقان قريب من الكيانات المؤثرة على القرار في أمريكا.. وقد أكدت الأيام أن زياراته الكثيرة إلى واشنطن تجعله يأتي بخط مرسوم للحركة لا يحيد عنه، ويظل يهتف له، ويسعى لتنفيذه تحت عون وتصفيق أمريكي.. وتأتي هذه الزيارة- بلاشك- بأمر أمريكي لاقناع الدول الكبرى بضرورة الاعتراف بدولة الجنوب التي ستأتي بسيناريو مرسوم أيضاً، هكذا تقول المؤشرات، ولا يهم في الإخراج التزام النزاهة أو منح الجنوبيين لحقهم في تقرير مصيرهم!! هكذا أمريكا وهكذا ابنها باقان قائد الجنوب الذي تراه. أخيراً صمت ياسر عرمان عن التصريحات والعنتريات، فهل ياترى قد فهمها أخيراً.. وأدرك أنه ظل يمثل دور الكومبارس في مسرحية لن يساوي أجره عقب انتهائها أجر المنتج والمخرج أو أي ممثل جنوبي، وأنه سيخسر كثيراً من الوقت والجهد والعمر، في عمل لن يتعدى دوره في المستقبل أن يأخذ أجراً هزيلاً، ويرحل بعد قيام دولة الجنوب التي ترفع شعار (لا للجلابة) ربما يكون. أخيراً: الحكومة ترمي كل بيضها في سلة الوحدة، وتنشغل بذلك كثيراً، بينما الحركة لا تنظر إلا بعين الانفصال الذي تريده أمريكا، وتهتف له يوغندا، ويقوم باقان بدور البطولة في مسرحية السيناريو لها مرسوم بالخارج، اللهم ندعوك اللطف من كل مكر وأنت خير الماكرين.