ذهبت قبل بضعة أشهر لتعزية زميل عمل فى وفاة والده بأحد أَحياء ولاية الخرطوم وهو من الأَحياء العريقة التى تتداخل شوارعها وتقل مساحة مساكنها وعند المرور بأحد هذه الشوارع الضيقة أشار الى السائق الذى كان يقلنى إلى أن المنزل الذى يواجهنا هو منزل الفكى ..... المشهور بالتعامل مع الموظفات فى قضاء حوائجهن بفعل السحر من ترقيات وإبقاء فى الوظيفة وإستلطاف الرؤساء والكيد للمنافسات وغيرها . ولايقتصر اللجؤ الى الفكى على الموظفات بل يشمل شقائقهن من الرجال واللجؤ إلى «الفقراء» والسحرة انتشر وبدا ظاهرة فى الأوساط المتعلمة خاصة الطبقة الوسطى طبقة الموظفين فى الخدمة العامة من الدرجات الوظيفية المختلفة وهى ظاهرة تستدعى أن يدرسها أهل الإختصاص فى مجالات علم الإجتماع وعلم النفس والشريعة الإسلامية !ذ انتشارها يعطل الطاقات ويفقد النفوس التوازن وتمتلئ بالأوهام . ولإنتشار الظاهرة فى أوساط المجتمع كافة سرت خلال انتظار التشكيل الوزارى الأخير النكات والشائعات بأن ارتالا ممن ينتظرون المقعد الوزارى انتقلوا الى منتطقة شهيرة فى وسط السودان للحصول على بركة «الفكى» التى تضمن لهم المقعد الوزارى وظاهرة الإستعانة بالسحرة ظاهرة قديمة وقد ورد فى القرآن الكريم فى سورة البقرة « وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ » (102) سورة البقرة وروى فى كتب الحديث النبوى أن النبى صلى الله عليه وسلم سُحر حتى كان يخيل إليه أنه كان يفعل الشئ ولايفعله فنزل عليه جبريل عليه السلام بالمعوذتين فانحلت عنه عقد السحر كل ماقرأ أية حتى انحلت كل عقد السحر عنه صلى الله عليه وسلم . والسحر ثمانية أقسام كما ذكره آبو عبدالله الرازى فى تفسير القرآن العظيم لابن كثير سحر الكذابين - سحر اصحاب الاوهام والنفوس القوية - سحر الإستعانة بالأرواح الأرضية - سحر التخيلات والأخذ بالعيون والشعبذة - سحر الأعمال العجيبة - سحر الإستعانة بخواص الادوية - سحر التعلق للقلب - سحر السعى بالنميمة . يقول الحسن البصرى فى الأية « ...وماهم بضارين به من أحد إلا بإذن الله » ، قال نعم من شاء الله سلطهم عليه ومن لم يشأ الله لم يسلط ولايستطيعون من أحد إلا بإذن الله تعالى أنه لايضر هذا السحر إلا من دخل فيه. جاءنى احد الموظفين بورقة مليئة بالطلاسم ذكر لى أنه وجدها فى ماكينة التصوير وكان منزعجاً بأنها «عمل» فاجلسته وتلوت له الآية السابقة وأمرته بإبادة الورقة إلا انه بعد مفارقتى لمقعد الأمين العام لمجلس الصحافة تذكرت هذه الواقعة وقلت ربما يظن الذى فعلها ان فقيره هو الذى « شالنى» ومن المؤكد أنه ذهب إليه بخروف مكافأة له على قوة ونفاذ محايته .