احداث العنف التي تفجرت على الساحة التركية مؤخرا تبدو وكأنها حرب شاملة ضد مقدرات هذه الدولة العسكرية والاقتصادية، وهي حرب خارجية، وان كانت تتم باذرع (حزب العمال الكردستاني)، وترى الاوساط المراقبة ان القيادة التركية السياسية والعسكرية والامنية هي اليوم في موقع الدفاع عن النفس، فالحرب التي تخوضها فرضت عليها وقد يكون عليها المضي فيها حتى النهاية، الدولة التركية طلبت قبل ايام من ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما المساعدة لمواجهة (حزب العمال الكردستاني)، لانه وفقا للقوانين الدولية، فان الولاياتالمتحدةالأمريكية هي المسؤولة المباشرة عن اي تحرك لعناصر من الحزب المذكور من كردستان العراق لتنفيذ العمليات في العمق التركي،وعلى ضوء هذا تعتبر الوساط المراقبة ان دعوة تركيا للرئيس بارك اوباما لكي يساعدها في محاربة العناصر الكردية المسلحة يمكن فهمها ضمنيا على انها دعوة لها لردع «اسرائيل» والجهات التي تحرك الصراع داخل الاراضي التركية. عودة العنف الى تركيا من خلال الاحداث التي شهدتها البلاد في الايام الاخيرة، والتي بلغت حدا خطيرا من الضراوة والقسوة، تطرح تساؤلات بشأن توقيت حدوثها، والذي تزامن مع الحملة التركية لرفع الحصار عن قطاع غزة ، ومن خلال اسطول الحرية الذي جوبه بمجزرة دموية ارتكبتها "اسرائيل" لمعاقبة الناشطين الذين كانوا على متن السفن التابعة له على جهودهم لكسر الحصار عن غزة، رغم انهم من المدنيين العزل الا من سلاح الرحمة والتعاطف والمساعدة لمليون ونصف المليون من الفلسطينيين المحاصرين في القطاع منذ سنوات، اوساط مراقبة تشير الى ان عودة العنف في هذه المرحلة بالذات لا يحتاج الى عناء كثير ولا الى بحث دقيق ومعمق لمعرفة اهدافه وغاياته ومن يقف وراءه، ففي الوقت الذي كانت تركيا تخوض فيه معركة ديبلوماسية ضارية ضد "اسرائيل" في مجلس الامن الدولي، والجمعية العامة للأمم المتحدة، لإدانة الجريمة التي ارتكبت على سفينة (مرمرة) ما ادى الى سقوط عدد من القتلى، قام (حزب العمال الكردستاني) بهجوم على القاعدة البحرية التركية في الاسكندرون، ثم نفذ هجوما اخر على حافلة تقل جنودا اتراك، الاوساط المراقبة ترى ان ما حصل يدل بشكل او بآخر على ارتباط التحرك الكردي بالعدوان الهمجي الاسرائيلي على اسطول الحرية تنسيقا او استغلالا، اما بالتنسيق فقد يكون ان الهجمات تتم بإيعاز من "اسرائيل" لإلهائها عن متابعة قضية اسطول الحرية واما الاستغلال فقد يكون المتمردون الاكراد استغلوا انشغال المسؤولين الاتراك بقضية الاسطول للانقضاض على الوضع الامني من الداخل لغايات قد يكون الخارج مصدرها. هذان الافتراضان دفعا برئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الى القول ان العمليات التي ينفذها (حزب العمال الكردستاني) تؤكد انه يعمل لمصلحة جهات خارجية وينفذ اجندات خاصة بهذه الجهات، وترى الاوساط المراقبة ان تركيا اصبحت داخل دوامة العنف، وتقف في مواجهة الارهاب لمعاقبتها اميركيا واوروبيا، على مواقفها المؤيدة للفلسطينيين ، والمطالبة برفع الحصار المفروض على غزة، على اعتبار ان «اسرائيل» هي بمثابة خط احمر بالنسبة للادارة الاميركية والكونغرس ومراكز القوى وكتل الضغط السياسي والاقتصادي في الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وتجاوز هذا الخط يتطلب عملا يتناسب وحجم هذا الخطأ، وقد سبق لعدد من اعضاء الكونغرس ان نددوا بمواقف تركيا من «اسرائيل» واكدوا انها ستدفع ثمن هذه المواقف، واشارت بعض المصادر الى انه يبدو ان دفع الثمن جاء سريعا ودمويا من خلال هجمات قام بها (حزب العمال الكردستاني) على مواقع للجيش التركي انطلاقا من شمال العراق، الذي يحظى بحماية اميركية كاملة منذ حرب الخليج عام 1991. مراسل آخر لحظة بدمشق