عندما كنتُ في مصر أردت القيام بزيارة للزميلة «سعيدة همت» التي لم تفارقنا لحظة.. فهي إما معنا عبر الهاتف أو بنفسها هي وأسرتها، وقد اتصلت ذات يوم وقالت: إن الطبيب قد قرر إجراء عملية «لوز» لابنتها. فكان لابد لنا أن نزورها وهي تسكن في مدينة 6 أكتوبر، وقالت لنا: «المكان بعيد لذا اركبوا المواصلات فالتكس إلى هناك سيكلفكم مبلغاً كبيراً».. وبالفعل ذهبنا «بالمواصلات» وقطعنا مسافات طويلة، قطعنا فيها مساحات خالية، وأخرى غابات من الأسمنت ثم مساحات خالية أخرى ومزارع وعمارات ومساكن.. والبص «يمشي ويستريح»، فهمست في أذن زميلتي محاسن الحسين التي كانت ترافقني في الرحلة «يازولة نحن رُحنا ما مكن تكون الزولة دي تكون ساكنة في الحتة البعيدة دي» فاتصلتا بها وأكدت لنا أننا نسير في الاتجاه الصحيح.. بالمناسبة لقد خرجنا من شقتنا منذ الصباح ووصلنا الساعة الواحدة ظهراً، وعندما وصلنا وجدنا المنطقة ماهولة بالسكان وبها كل الخدمات وتخيّلت شكلها قبل أن يتم السكن فيها، لكن ما يميزها هو هدؤها ونظافة بيئتها ونقاء هوائها، وهي عكس زحمة وسط القاهرة.. فتذكرت قول الكثيرين في بلادي الذين اضطروا للسكن في مناطق بعيدة «إنه طالما المواصلات موجودة فليس هناك منطقة بعيدة». بالمناسبة سادتي ما كتبته آنفاً هو بعض ما في الذاكرة النائمة وقد أيقظها ما خطه يراع عمي الصحافي المقتدر والمهاجر الذي نتمنى عودة قلمه للصحافة السودانية الأستاذ «عبد اللطيف السيدح» والذي عنْوَن مقاله «منافي الصحافيين بالوادي الأخضر»، وقد تحدث عن بُعد المكان وعن عدم وصول شبكة الموبايل له وعن الجبال الترابية التي تحيط به، ونحن نقول له: أولاً بُعد المكان هذا ما كان متاحاً وممكناًً، فأين تريدهم أن يسكنوا هل تخرج لهم المواطنين من مناطقهم «القريبة» حتى يسكنوا هم لأنهم صحافيون.. ثانياً شركات الاتصالات شركات تجارية وربحية وهي التي ستسعى لهذه المنطقة متى ما سُكنت وزاد عدد مشتركيها هناك.. أما الجبال الرملية التي ذكرتها وأبديت خوفك منها خاصة والخريف على الأبواب، فهي قد خصصت لحماية المدينة من أي احتمال للسيول أو مياه الأمطار التي يمكن أن تهدد منازل الصحافيين.. فيا عم لماذا لم تذكر المياه والكهرباء والمسجد والطريق المسفلت والمواصلات التي تصل إلى هناك وارتفاع أسعار الأرضي هناك.. بالمناسبة الصرف الصحي في الطريق وسيزيدها لمعاناً.