والبص السياحي يسابق الخطو إلى كسلا ، وتكاد تسمع صوت اللاشيء ، إن كان له صوتٌ يسمع ، ولا تكاد تسمع صوت ماكينة العربة المارسيدس ، جيدة الصُنع ، ولا تكاد تسمع نسائم التكييف الباردة ، وهي المداعبة لأحلام المسافرين ، خصوصاً المتزوجين حديثاً ، ورحل شهر العسل ، المتبوع بصل ، ولا غرابة في هذا ، فالنساء ماركة واحدة، رغم جودة الصُنع ، ودلتا القاش تزرع أجود أنواع البصل ، والقطن طويل وقصير التيلة في طوكر ، ومن (دقنو وأفتلو) ، وفي الغيب تنسج القصص الجاية ، وحكاوي العرسان ، والحياة (عسل وبصل) وحلومر ، والنسائم تسترق السمع ، إلى عروسين تجاورا في مقعد ، والعريس يستنهض الهمة ، لشطف العسل ، كان الله في عون العرسان ، ويشطف الإناء على آخر قطرة ، وعند الوصول لكسلا ، كان صوت التاج مكي وحده المسموع : وصوت السواقي الحاني / طراني ماضي بعيد / وعلى الرمال آثارك / طرتني ليلة عيد ، وفي عيد الفطر ، وقبل سنين ، تلتها عجاف ، ذهبت لمشاركة اللواء الفرح بزواجه ، من إحدى حسان القاش: وحبيت عشانك كسلا / وخليت دياري عشانك ، رغم أن اللواء من مواليد رفاعة ، رفاعة الأولى وبلا منازع ، في صناعة الجمال ، والعسل السوداني زمان ، وقبل مجيء المكياج والميك أب ، أين رفاعة بعد الكبري ؟ كان الله في عون رفاعة ! أحب اللواء أرض التاكا ، وهو يرى رفاعة تتراجع ، وكانت أيام فرح اللواء لها إيقاع ، وهو ينصب لواءه أعلى جبل التاكا ، وكان إيقاع المدينة ساعتها يشبه تقدم الآخرين ، وتراجع كسلا الآن ، كسلا عروس الشرق ، موطن تاجوج والمحلق ، زرتها قبل أيام ، وشاهدت تغير الحال ، وتذكرت كلام مولانا الميرغني ، وسؤاله : عن الجماعة ، وهل بلعهم القاش؟ وحال كسلا لا يشبه الحال ، رغم وجود تاجوج وأمثال الحلنقي ، حيث لم أجد قصه شبيهة بالقصة ، ولم أحظ بفرح على أرض الواقع ، يشبه فرح اللواء ، ولا أفراح الآخرين من أمثاله ، من الذين تركوا حسان الخرطوم ورفاعة ، وجاءوا إلى كسلا ، فرغم وفرة الماء والأراضي البكر ، والطقس ، ظلت كسلا تتراجع ، ورغم الجهد المقابل المبذول في الأراضي اليباب ، وبورتسودان الجارة ، واستعارة عروس الشرق لها (برافو) ، في سرقة أدبية متجاوزة للعرف ، رغم أنف كسلا الجميل ، حيث ظلت بورتسودان هي الثغر الباسم ، رغم ضحك المحلق وتبسم تاجوج ، كسلا الجميلة دون صناعة أو إضافة ، ودون مصاحبة المكياج ، كسلا تحتاج لعزيمة موجودة عند الحكومة هنا والحكومة هناك ، نأمل من تحريك العزائم صوب كسلا ، لثقتنا الكبيرة في عزيمة المسئول ، كسلا ملكة جمال السودان ، والجمال يظل مخبوءاً ، ما لم تعمل فيه أيادي الفنان وعزيمته ، وفرقة المكياج المصاحبة ، في عالم أصبحت فيها صناعة الجمال مالا وفنا وعزيمة ، وصارت صناعة الجمال ، من أكبر الصنائع المدرة للدخل ، هل نسمع في القريب عن:عودة تاجوج؟ ومن بإمكانه السُقيا، لإعادة الحياة إليها ، لندعوا له في مقبل الجايات: نضر اللهُ وجه هذا (الساقي) ، إنه بالرحيق حلّ وثاقي ، لنرى الجمال مزدوج الإشراق / يسبى مُعدد الآفاقِ ..