في الطريق العام، والخطيب يُلهب الحماس في الناس: وحدوا، والناس من خلفه يقولون: لا إله إلا الله، فيهتدون ويفلحون، واصلت السير، والسير عند العارفين إلى الله، وفوجئت باختفاء قنبلة بائعة الشاي، وهي الأمهرية فائقة الجمال، نترك قنبلة، لنتعرف على الشاي، والذي يشرب في (العادة) لإكمال الكيف، وتعديل اعوجاج المزاج، وقنبلة نسوقها كمثل، والمزمزم ضرب مثل/ قهوة معطونة بي عسل، وهي فتاة إثيوبية، تعمل وغيرها، لأجل كسب العيش في السودان، وسبل كسب العيوش تتقاطع، وتبيع الشاي في الطريق، لأحمد وحاج أحمد، وللطيب وغير الطيب، والفراغ يملأ الطريق، وبعد تعديل المزاج المعوج، يفكر أحمد في العمل، ويفكر حاج أحمد في الحاجة التانية، وتفكير الأخير (جبلي)، يتولد من الفراغ، ومن أثر حرارة الشاي، خاصة وقد أشرتُ لجمال الصانعة، واحمراراً مزج بياض/ وتشبه الزهرة في الرياض/ آه أنا الضاق بي الفياض/ شيخي أحجبني ليك بياض، رحم الله الشيخ عبد الرحيم البرعي، عالي المزاج، والقائل: خلو بارد وحار، وهو الواصف من خلال الفعل (خلو) لأقوام، وآمراً في الفعل لآخرين، أملاً في تجاوز القنبلة والشاي، وهو الداعي من بعد هذا، لفضيلة ترك (الكيف)، ومتلازمات المزاج، فالترك من فضائل الخاصة، ونسمع من العامة عن وجود قهاو بولاية الخرطوم، تبيع الحار، وشيءٌ من حتى، فدفعني (الشيء) للحراك، والطرق على الأبواب، في آخر الليل، خاصةً والمقرور كحالتي، يقول: يا دفء (شيء) إذا ما الليل أرعشه/ برد الشتاء كفاني السُهدَ مقروراً، فقمتُ بجولة للتثبت من كلام الناس، وهو البيقولو الناس شوية؟ وفي معيتي تحقيق لصحيفة تتقصى الأخبار، وذات مصداقية، حيث قرأتُ في التحقيق: عن وجود (شيء) من (حتى) في تلك القهاوي، استشكل إعرابه على الخليل بن أحمد، بدأتُ التجوال بمنطقة الديم، ودخلتُ مقهى: وسوي الجبنة يا بنية، وتدير المقهى فتيات إثيوبيات، وعند سؤالى لإحداهن لماذا جئت إلى هنا؟ أجابت: لأن السودان قريب من هُنا، مشيرة إلى قلبها، وأردفت وهي تمسح ماء غسيل الأواني على (وسطها)، كما تفعل النساء في (العادة)، وتجفف الماء على الثوب (القاطن) أعلى الردف، قائلة: السودان على حدود إتيوبيا (في لجنة مُحببة)، ونسمع غناء السودان، وهذا مجاز مُرسل لوزارة السموأل، لإسماع الفتيات قبل الغناء، ما هن في حاجة إليه حقيقة، ألا وهي كلمة التوحيد: (وحدوا)، ولئن يهدي بك الله رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم، خاصة من بعد مرور نيفاشا، ورؤيتنا للإخوة الجنوبيين يعودون إلى هناك وفي معيتهم كل شيء، إلا التوحيد، رغم بقاء هؤلاء في (وسطنا) سنين عدداً، وما ضرنا لو غسلنا عن العائدين رجس الشقاء، ما ضرنا؟ ثم طوفت الفتاة ببصرها للأبعد قائلة: عندما تضيق البلاد بأهلها يضطر الناس لركوب الصعب، والسفر للفوائد الخمس المعلومة، فهي تدفع يومياً مبلغاً للمحلية، وتقتطع من العائد مبلغ للإعاشة، وتسكن بإيجار (حيث تستفيد الأسرة السودانية من الإيجار)، وتدخر، وترسل الباقي لأسرتها، عند النظر لنصف الكوب الملآن نجد أن بقاء هؤلاء (ممكن)، وفيه بعد إنساني لأهل جوار، ومن وجهة نظر الساسة، نجد في قبولهن تنفيس عن كرب القيادة الأثيوبية، مما يضطرها لمعاملتنا بالمثل وعدم إيواء المتفلتين، شكرتُ البنية وأنا أتجرع آخر الكأس، حيث ما قالت صحيح، في حقها، وحق أخريات يعملن بشرف، وهذا لا يمنع من وجود تفلتات لأخريات يعملن في الممنوع، والممنوع مرغوب، خاصة ونصف الكوب الفارغ، يؤكد على الفراغ الذي يعيشه الشباب، وحاجتهم لملء الفراغ بالشاي والجبنة والحاجات التانية، حمانا الله وإياكم، وأنا اهتم بالخروج، إذ بحفرة تأتي من عندها روائح وغمائم الطلح، تشير للمرغوب والممنوع (معاً) ، ترى الدخان على أثنائها زبداً/ كالريش في نسمات الصبح مبهوراً/ حتى إذا ما اكتفت قامت وزائلها/ نجدٌ تساقط مثل الدر منثوراً/ يزيد صفرتها لمعاً وجدتها صقلاً/ وناهدها المشدودُ تدويراً، نلفت النظر للاستفادة من كلام الفتاة في جانب التأثير الثقافي، وضرورة تعبئة الكوب بكلمة (التوحيد)، والتحوط للنصف الفارغ، الفتاة مستمعة جيدة لياسر تمتام، ولم أرَ في عيوب الناس عيبا، كنقص القادرين على (التمام)..