في الحوار الذي أجرته معه صحيفة الجريدة والمنشور في العدد الصادر بتاريخ الخامس من أبريل 2012م، وبعد الاطلاع عليه وجدت أن الغريب في الأمر أن د. عصام صديق لا يزال مصراً على الارتباط الوثيق بين البكور والتراث والثقافة والدين ولم يخبرنا بإيجاز كيف يكون ذلك. ذكر د. عصام أن المؤتمر التمهيدي والذي عقد قبل تطبيق نظام البكور كان قد ناقش 16 ورقة عمل، لماذا لم يعقد مؤتمراً ليناقش ويقيم تجربة البكور خلال هذه الفترة والتي امتدت لعشر سنوات!. وإذا كان ولا يزال د. عصام مصراً على أن البكور أسهم في التطور الاقتصادي للسودان فنحن نطلب منه الدليل بالأرقام على ذلك. ونسأل الدكتور، هل يتطور الاقتصاد تلقائياً إذا طبقت المصارف والشركات نظام البكور أم إن التطور مربوط بعوامل أخرى؟، وهل تقدمت دول مثل الصين وألمانيا وإنجلترا فقط لأنها طبقت نظام البكور؟. في نظام البكور الجديد ينهض السودانيون مبكراً في حوالي الساعة الرابعة بالتوقيت القديم لصلاة الصبح بينما تشرق الشمس بعد السادسة بينما مواعيد العمل حوالي الثامنة صباحا، فكيف يقضي المواطن هذه الساعات الأربع؟، ونسأل الدكتور أيضا إذا كان متأكداً بأن النظام الجديد قد نظم أوقات الصلاة بطريقة أفضل، وهل ترك الناس عادة النوم بعد صلاة الفجر؟، وإذا كان نظام البكور ذا فوائد جمة فلماذا طبق فقط في 80 دولة من أصل أكثر من 200 دولة في العالم؟ وأعتقد أن الدكتور يتعامل مع نظام البكور بطريقة مزدوجة، فهو يحب نظام البكور لأنه أعطاه الفرصة ليطبق بعض أفكاره، ويكره في نفس الوقت لأن الكثيرين لم يستطيعوا أن يتعايشوا مع هذا النظام بعد مرور عشر سنوات على تطبيقه حتى وإن كانوا أقلية فإن سخطهم على مقترحه قد تؤثر على حالته النفسية لو بلغه ذلك!! من الأشياء الغريبة أنه يربط رفض هذه القلة كما يتصور لنظام البكور بكراهيتهم لنظام الإنقاذ لأنه يقول: هؤلاء ترسخت في أنفسهم كراهية الإنقاذ ولم يكونوا عقلانيين في نقدهم، فماذا سيكون رده إذا علم أن بعض هؤلاء قد أعجبوا بفكرته الأخرى وأشادوا بها برغم اختلافهم مع الإنقاذ! وهي فكرة بناء سد مروي!!، فمن الذي سيَّس الموضوع! إن الدكتور عصام متخصص في الهندسة الكيميائية وله أبحاث في Prebiotic وهي تقوم على استخدام المواد الصمغية وخصوصاً الصمغ العربي في علاج بعض الأمراض مثل الفشل الكلوي وبعض الأمراض الباطنية الأخرى مثل التهاب المصران الغليظ ويسمى هذا بالطب البديل وبالرغم من مرور زمن ليس بالقصير على هذا البديل الطبي إلا أنه لم يكتب له الذيوع والانتشار، ومن الأشياء الملفتة أيضاًَ قوله: العلم أصبح يكتشف أشياء جديدة ومنها أن إفرازات الجسم كله وعمل البنكرياس يكون ضعيف وأن الإنسان كلما استيقظ مبكراً فإن غدداً محددة تمنع السرطان. ونسأل الدكتور في أي دوريات طبية نشر هذا الموضوع، وهل ضعف عمل البنكرياس ميزة طبية وما هي تلك الغدد التي تفرز مضادات السرطان في الجسم؟ إن التوقيت مربوط بحسابات معينة ولها صلة بخطوط الطول والعرض (أي موضوع جغرافيا) وقد عمل العالم بتوقيت غرينتش مدة طولية لأنه عملي ومناسب ولا يزال كذلك وليس لأن بريطانيا كانت إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، فهي لم تستعمر كل العالم لكي يتبعها طائعاً مختاراً في تطبيق هذا النظام إذا كان لا يناسبهم أصلا. وفي الحوار أشياء كثيرة غامضة أرجو أن يوضحها الدكتور عصام للقراء في مقال منفصل وأذكر بعضاً منها كما جاءت بالنص في الحوار: ومن بعد فإن الإنقاذ سوف تستفيد من الموضوع والقرار في أساسه كان قراراً اقتصادياً في المقام الأول. ربنا سبحانه وتعالى يقول: «من قبل صلاة الفجر...» لماذا؟ لأن هذا الوقت الذي يرتاح فيه الجسم والعقل. فالدين لا يختلف حول هذا الموضوع....... الخ. فلماذا نحرم الناس من الراحة إذن، وهل يقصد الدكتور (البكور) ولماذا لم يكمل الآية ويدلل عليها يذكر رقمها في السورة كما هو متعارف عليه، أم المقصود صلاة الصبح.....أم العمل، ثم يذكر الآية الكريمة «وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشا»، والسؤال هو متى ينتهي الليل ويبدأ النهار؟، وإذا وافقناها بأن النهار يبدأ منذ الفجر عند الرابعة صباحاً وينتهي عند السابعة مساءً بالتوقيت القديم فكم يتبقى من اليوم للإنسان السوداني ليمارس نشاطه الأسري والاجتماعي والترفيهي وينام ساعات كافية؟ أليس المتبقي له حوالي سبعة ساعات فقط لأن النهار يطول وتصبح عدد ساعاته سبع عشرة ساعة وبذلك لا يبقى له الوقت الكافي ليعيش الليل لباسا. وأصارح القارئ بأن اهتمامي لم ينصرف لانتماء الدكتور السياسي للحركة الإسلامية أو غيرها ولا أن تطبق أمريكا نظام البكور رغم اقتناعي بأن أمريكا قد طبقته نتيجة فلسفة علمية، ولا إصراره على رضائه عن نفسه كل الرضى!. بل ما ذكره في نهاية مقالته فلنقرأ معاً مقاله في نهاية الحوار: ما هو الذي يضيرك من أن تصحو بدري مع الفجر والكلاب تنوم في الفجر. وهي على حق لأنها تسهر طول الليل وهي تحرس بني البشر وتنوم مطمئنة بعد طلوع الفجر وقد ينطبق ذلك على بعض بني البشر، فإذا كان هذا حال الناس وحيواناتهم الأليفة فلماذا تصر على البكور كما ذكرت في نهاية ألمقابلة: البكور حول حياة الناس في السودان وأحدث فيها تغييراً كبيراً فقد كان الناس ينامون بعد الفجر، فلماذا حرمتهم هذه النعمة وغيرت من وظائف أجسامهم الفسيولوجية بتغيير نظام الساعة البيولوجية في أجسامهم، فقد كانوا أكثر صحة قبل أن يطبق عليهم نظام البكور، وكان المزارعون والبقية الباقية منهم الآن «ينوموا بدري ويصحوا بدري» دون أن يتمتعوا بحياتهم مثل بلايين البشر في العالم! وإذا كان لي في الختام أمنية فهي أن يتم تغيير نظام البكور الذي لم يستطع أن يتعايش معه شعبنا في السودان طيلة السنوات العشر التي طبق فيها هذا النظام الغريب، وأسأل أن يعفوا ويغفر لكل أؤلئك الذين ساهموا بفكرهم أو جهدهم في فرضه على المواطن السوداني الصابر.