قرأت بياناً للحركة الشعبية صادر من جوبا, موقع من قبل السيد «يين ماثيو شول» الناطق الرسمي باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان. يطالبنا البيان نحن شعب السودان, أن لا ننقاد وراء ما سماها «بروباغاندا المؤتمر الوطني» ونرضى بما فعلته الحركة الشعبية, من احتلال لمنطقة هجليج. حقيقة إن البيان استفزازي, ولا يعبر إلا عن سذاجة سياسية, ما بعدها سذاجة, نحن في مواقفنا الوطنية لا نأخذ صكوكاً من أي حزب سياسي داخل السودان, أو من أية جهة كانت, فكيف نقبل لأنفسنا أن نخضع تعليمات من جهات خارجية, وأن تكون هذه الجهات الخارجية هي التي قامت باحتلال أرض سودانية. يجب أن يعلم السيد شول والحركة السياسية التي يمثلها, إذا كانت الوطنية تدفعه أن يدافع عن وطنه, فنحن الآن وضعتنا الحركة الشعبية في هذا الركن, يجب الدفاع عن أرضنا وتحريرها من القوات الغازية. ودولة جنوب السودان والتي بفعلتها قد غيرت سلم أولوياتنا, فليس هناك شيئاً قبل تحرير هجليج, وتأمين الأرض السودانية من كل اعتداء. وليس موقفنا من الإنقاذ وكل ممارساتها غير الإنسانية وغير الديمقراطية تجعلنا ننصاع لبيانات الحركة الشعبية والسيد شول, نحن نعرف كيف ندير معركة التغيير الديمقراطي في السودان ولكن كل ذلك يجب يتوقف من أجل التحرير. في كل مقالاتي, كنت أؤكد على أن الحوار وإقامة علاقات طيبة ونموذجية, هي الأفضل للشعبين في كلا البلدين, وأن توقف كل نزاعات على الحدود, بل فتح الحدود بين البلدين لكي يتم التواصل بين الشعبين, واعتقدت أن اتفاقية الحريات الأربع خطوة جيدة في طريق العلاقات بين البلدين, كل ذلك جعلته الحركة الشعبية في أدنى سلم الأولويات وأصبحت قضية تحرير منطقة هجليج في قمة الأولويات, وأجد نفسي أضم صوتي مع الذين يدعون لا حوار ولا تفاوض قبل التحرير. إن الشروط التي وضعتها الحركة الشعبية لانسحابها من «منطقة هجليج», هي شروط ليست مفروضة على المؤتمر الوطني كحزب حاكم, بل هي شروط مفروضة على السودان وشعبه, ولا أعتقد أن هناك أي سوداني وطني يقبل أن تكون أرضه تحت الاحتلال, ومهما كانت علاقتنا مع المحتل في السابق, وإذا كان السيد شول ببيانه هذا يحاول أن يبحث عن موالين للحركة الشعبية وسط الشعب السوداني داعمين احتلالها لأرض سودانية يكون شخصاً واهما, ولا أعتقد أن هناك من يقبل احتلال أرض في وطنه, ومن يقبل ذلك عليه أن لا يتردد في تقديم أوراقه لطلب جنسية دولة جنوب السودان. إننا نعرف كيف نحدد مواقفنا, وسلم أولوياتنا, وبالتالي لا نقبل نصائح من أحد في مواقفنا الوطنية, وخاصة أولئك الذين نصبوا أنفسهم قضاء يوزعون صكوك الوطنية كما يشاءون, وفي ذات الوقت أيضاً فإن معاركنا مع المؤتمر الوطني هي معارك لن نحيد عنها, لأننا دعاة حرية وديمقراطية, وسنظل نناضل من أجل أن يكون السودان دولة تعدد سياسي وليست دولة حزب واحد, ولكن في هذا الظرف التاريخي وضعتنا الحركة الشعبية في خيار واحد هو تحرير الوطن. ورغم فعلة الحركة الشعبية وبعد التحرير, سنظل نناضل من أجل أن تكون لدينا علاقة نموذجية مع دولة جنوب السودان, وأيضاً سنظل نطالب وندعو أن تطبق اتفاقيات الحريات الأربع, ووقف كل العدائيات بين البلدين لمصلحة الشعبين, بل سنظل نناضل من أجل وحدة البلدين بالرضى وليس بالقوة, وبقدر ما يحب الإخوة في جنوب السودان دولتهم, أيضاً نحن نحب بلدنا وسوف ندافع عنها بالغالي والنفيس. بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنو علي كرام.... ونسأل الله التوفيق.