أكثر من ثلاثة أشهر ظل مجلس إدارة مشروع الجزيرة محلولاً بعد أن دفع رئيسه الشريف بدر باستقالته، وبينما كانت قيادات زراعية قد زكت عدد من الشخصيات منها (البروفيسور عبدالله عبدالسلام، د.عمر عبدالوهاب، د.أحمد محمد آدم)؛ حتى يتم تنصيب أحدهم رئيساً لمجلس الادارة وباتت الأوساط (تخمن) من سيكون رئيس مجلس الإدارة؟! خرج رئيس الجمهورية ليعلن وزير الزراعة عبدالحليم إسماعيل المتعافي رئيساً لمجلس إدارة مشروع الجزيرة، ويكون بذلك (قطعت جهيزة قول كل خطيب)، حيث أصدر رئيس الجمهورية قراراً بتكوين مجلس إدارة مشروع الجزيرة برئاسة وزير الزراعة وعضوية وزير الزراعة بولاية الجزيرة عبدالله محمد عثمان والمدير العام لمشروع الجزيرة عثمان سمساعة ووكيل وزارة المالية عبد الرحمن ضرار ووكيل وزارة الزراعة والري محمد حسن جبارة ونائب محافظ بنك السودان بدرالدين محمود والمدير العام لهيئة البحوث الزراعية كمال الصديق، المدير العام لشركة السودان للأقطان عثمان سلمان، ممثل قطاع الري بوزارة الزراعة والري، ممثل نقابة العاملين بمشروع الجزيرة كمال النقر، و6 من اتحاد مزارعي الجزيرة والمناقل. ورغم أن المتعافي قد بدا متفائلاً بتنصيبه رئيساً لمجلس إدارة أكبر مشروع زراعي. وأكد أن القرار هدف إلى وضع المشروع في مساره السليم. وقال إن مجلس الإدارة سيعمل على تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية بإعادة المشروع لسيرته الأولى. وطلب المتعافي العفو والصفح من المزارعين و(رب العالمين) عن ما لحق بهم من ضرر في المواسم الماضية. وحمّل في الوقت نفسه قطاعات المزارعين مسؤولية العطش الذي ضرب مساحات واسعة بالمشروع في العروتين الصيفية والشتوية. وقال المتعافي في مؤتمر صحفي إن المزارعين زرعوا نحو (130) ألف فدان إضافية خارج نطاق المساحة المقترحة. وقال إن الوزارة كشفت عن زيادة المساحات عبر التصوير بالأقمار الصناعية. وأكد أن الروابط لم تتقيّد بعقد الإمداد المائي الموقع مع وزارة الموارد المائية. إلا أن قرار تعيين المتعافي لم يجد كثير قبول واعتبره البعض خرقاً لقانون مشروع الجزيرة لعام 2005م. ورغم اعتراض رئيس لجنة الملاك بمشروع الجزيرة؛ أحمد النعيم، في حديثه ل(الأحداث) أمس على تعيين تنفيذي رئيس مجلس إدارة، مبيناً أن القانون يمنع تبؤ تنفيذيين لرئاسة مجلس إدارة واعتبره أمراً محل سؤال يحتاج لتوضيح رأى أن المتعافي وجهاً جديداً مجلس إدارة مشروع الجزيرة، قد يستفيد من أخطاء من سبقوه، واعتبره مستوعباً لقضية ملاك الجزيرة، وأبدى استعداد لجنته للتعاون معه إن أراد تحقيق نجاحات، بيد أنه انتقد موقفه كوزير للزراعة في عدم تقديمه ما يعينهم في قضيتهم. وزاد « وسبق ان التقينا به اكثر من مرة، وتقدمنا له بأكبر قدر من المعلومات فى هذا الخصوص». وأشار النعيم أن المُلاك ليست لهم علاقة في تعيين رئيس أو اختيارمجلس الإدارة. وقال «نحن ملاك أرض علاقتنا مع حكومة السودان ممثلة في وزارة المالية في الوفاء بمتطلباتنا المالية مقابل إيجار الأرض للحكومة. وأبدى النعيم ارتياحه بإدانة القضاء الأوامر الخاطئة التي عالج بها مجلس الإدارة السابق لقضية الملاك لجهة عدم فهمه. وزاد «قضيتنا واضحة ومعلومة للجميع» مجدداً أن الخطأ كان يكمن في إصدار مجلس الإدارة أمراً يقضي بتقييم الفدان ب(1585) جنيها مع خصم (400) جنيه للبنية التحتيه وعدها قيمة مجحفة في حق أصحاب الأرض، منوهاً أن مجلس الإدارة هو من حدد الشراء والسعر دون إعطاء أصحاب الحق فرصة للمشاركة في إبداء الرأي، وعوّل النعيم في المجلس الجديد في القناعة بالحلول المرضية لملاك ومساعدتهم للحصول على حقوقهم من الايجار لمدة (43) سنة مضت. وزاد «ولا نمانع في الجلوس مع الدولة للإتفاق على قيمة جديدة للإيجار. وفي الشأن الأمين العام لإتحاد مزارعي السودان؛ عبدالحميد آدم مختار، شدّد على ضرورة البحث لإيجاد تكييف قانوني لتعيين وزير الزراعة رئيس مجلس إدارة مشروع الجزيرة. وقال في حديثه ل(الأحداث) أمس «هذا سؤال كبير نوجهه لقانونين وإداريين «. واعتبر تطبيق قانون 2005م يحتوي على إصلاحات ورأى أن أي تجاوز لبنوده إنحراف عن تطبيقه مقراً بأن القانون أعطى رئيس الجمهورية حق تعيين رئيس مجلس الادارة، لكنه أيضاً يعي أن الوزير مشرف لأعمال مجلس الإدارة. وأشار عبدالحميد لعدم الاعتراض على المتعافي في شخصه، ولكن في وضعه كوزير وتنفيذي واعتبره سيؤدي لتضارب قد يحدث إرباكا في الأداء، وبينما ظل المشروع خلال الفترة السابقة يعتمد على المدير العام في ظل عدم وجود مجلس إدارة أقر عبدالحميد أن الأمر حلقات مترابطة وأن أي خلل يؤثر سلباً بالانتاج. ورأى أن الحلقات الآن اكتملت لكنهم يبدون تخوفهم من التضارب في اختصاصات الوزير ومجلس الإدارة؛ لذا يبحثون عن مخرج قانوني لتعيين وزير الزراعة. وأكد عبدالحميد وجود عدد من التحديات تواجه المشروع. وقال إن أكبر تحدٍ هو إنزال قانون 2005م لأرض الواقع وإكماله، مبيناً أن اصلاح المشروع يتمثل في محاور تضمنها القانون منها محور الاصلاح الهيكلي وتوفير أراضي المشروع ومحور الإدارة ومحور الجمعيات. وأكد أن تطبيق هذه المحاور من شأنها معالجة مشاكل المشروع. ونبه عبدالحميد إلى أن القانون لم يأتِ من فراغ بل إنه نتاج مجهودات خبراء وفنيين ولجان قدموا تقارير ودراسات فنية منها لجنة بروفيسور عبدالله أحمد عبدالله وتاج السر مصطفى ودراسة ورؤية البنك الدولي. ودعا للصبر على برامج الاصلاحات التي تضمنها المشروع، لافتاً الى أن القانون السابق لسنة 1928م استمر الصبر عليه لأزمان طويلة. من جانبه اعتبر نائب رئيس اتحاد مزارعي السودان؛ غريق كمبال، أن تكليف وزير الزراعة برئاسة مجلس ادارة مشروع الجزيرة ليست من مصلحة المشروع. وقال في حديثه ل(الأحداث) أمس «من حق رئيس الجمهورية حسب القانون إختيار مجلس الإدارة « بيد أنه أشار إلى أن تعيين وزير الزراعة (المتعافي) كتنفيذي وتكليفه بمجلس الإدارة يخلط بين موقعه كوزير ورئيس مجلس إدارة ولا يكون من مصلحة المشروع. وأرجع ذلك لجهة أن روح القانون تنص على خروج الدولة من إدارة المشروع، ووصفه بأنه كأنما الدولة خرجت بالقانون ودخلت ب(الشباك) –على حد وصفه-واعتبر أن وبتعيين المتعافي أصبح وجود الدولة أكثر قوة؛ مما كان عليه في الماضي، مضيفاً أن برنامج الاصلاح الكلي للقطاع الزراعي ينادي بخروج الدولة من إدارة النشاط الزراعي لجهة أن مجلس ادارة المشروع هو الجهاز التنفيذي . وفي ذات الوقت أصدر تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل بياناً حصلت (الأحداث) على نسخة منه يرفض فيه تعيين المتعافي، واعتبره جريمة في حق كل سوداني. وقال البيان « إن تعيين المتعافي وقيادات الاتحاد المنحل لإدارة المشروع لا يمكن أن يعيد المشروع لسيرته الأولى بل سيكتب شهادة فناء المشروع، إنها جريمة في حق كل سوداني، إنها جريمة في حق هذا الوطن. وزاد «إن التاريخ لن يرحم كل من ساهم في تخريب أحد عجائب الدنيا ألا وهو مشروع الجزيرة والمناقل . وانتقد رئيس مجلس القطن بالنهضة الزراعي؛ محمد عثمان السباعي، تعيين وزراء لرئاسة مجلس ادارة مشروع؛ لجهة أن القانون يمنع ذلك. واعتبر أن شخص كهذا (وزير) يفقد المجلس شفافيته. وقال في حديثه ل(الأحداث) أمس إن وزير الزراعة هو المرجعية التي يرجع إليها مجلس الإدارة. وتساءل في ظل هذه الوضعية لمن يرجع مجلس الإدارة؟! مبيناً أن الوزير إشرافه أعلى من إشراف رئيس مجلس الإدارة ما قد يجعل مجلس الإدارة يجامل الوزير في كثير من القضايا نسبة لموقعه كدستوري ما عده يفقد المجلس حياديته في الرأي. من جانبه أوضح الناطق الرسمى لاتحاد مزارعي الجزيرة؛ جمال محمد دفع الله، أن ممثلي المزارعين الستة الذين تم تعيينهم بمجلس الإدارة، وقع عليهم الاختيار بالاجماع ودون أي خلاف من المكتب التنفيذي، هم (ابراهيم الشيخ أحمد بدر من التحاميد، محمود محمد نور من القسم الجنوبي، محمد أحمد إبراهيم من أبوقوتة، عمر الأمين من المسلمية، والصادق فضل السيد من الماطوري، عمر عبد الرحيم من المكاشفي). وتوقع جمال من المجلس الجديد معالجة القضايا العالقة كافة فيما يتعلق بالمشروع والملاك، باستغلال قدرات عبدالحليم المتعافي كشخصية نافذة، وعلاقاته الواسعة، ولديه معرفة ودراية ومساهمة في الاصلاح المؤسسي. وأكد استعدادهم التام للتعاون مع المجلس الجديد. وأجمل جمال أهم التحديات التى تواجه المجلس الجديد هى معالجة قضية ملاك الأراضي، وحل مشكلة الاصلاح المؤسسي، وأكد أن وزير الزراعة من المتابعين لذلك، إضافة إلى تأهيل شبكة الري وعمل برنامج متسارع بعد توافر المال اللازم لذلك نسبة لضيق الوقت، والعمل على تدريب روابط مستخدمي المياه حسب الميزانية من وزارة الزراعة والري.