وتزيأت مدن السودان أمس بثوب قشيب ، يحكي تفاصيل روعة الانتصار الذي حققته القوات المسلحة بمساندة كل القوات النظامية الأخرى والمجاهدين والمتطوعين ، وبدعوات الشعب السوداني الأبي الذي زرف الدموع أمس فرحاً باسترداد أرض هجليج السودانية التي احتلها العدو طوال الاسبوع الماضي. وليس بجديد على القوات المسلحة والجيش السوداني إحراز مثل هذا النصر ، فهو الجيش الوحيد في المنطقة الذي ظلّ يقاتل لما يقارب العشرين عاماً دون أن ينهار كما فعلت جيوش أخرى في المنطقة .. بل ظل صامداً في مواجهة العدو.. ظلّ أفراده يقاتلون مثل سرب النسور الجارحة. وأمس بذلك النصر الذي أعلنته القوات المسلحة السودانية بتحريرها مدينة هجليج من فلول ومرتزقة دولة جنوب السودان. وأكد الفريق عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع الوطني ، أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى والمجاهدين، كبدوا الجيش الشعبي خسائر فادحة في معارك ضارية خاضوها طوال الاسبوع الماضي. ( كل القوة.. جوة جوبا ) وجاء ذلك النصر أمس برداً وسلاماً على قلوب أمهات الشهداء المكلومات بفقد إبنائهن في تلك المعارك ، إلا أنهن أمس عرفن بذلك النصر أن أبناءهن البواسل لم تضع أرواحهم هدراً بل ثمناً لاسترداد الأرض والعزة والكرامة والسيادة ، وقد جسدت المسيرات الهادرة أمس التي جابت كل أنحاء مدن السودان هاتفة بالعديد من عبارات الفرح والتحدي والتهديد بأنهم لم يكتفوا بذلك النصر بل إنهم يأملون ويتوقون لدخول جوبا لتلقين العدو درساً لن ينساه بقولهم (كل القوة ..جوبا جوة ) حتى لا يصور شيطان العدو مرة أخرى أن الأراضي السودانية لن تكون هدفاً مستباح. وقد حكت تفاصيل ذلك النصر فرحة الشعب السوداني بعودة الأراضي وكيف جسدت أن الشعب السوداني بمختلف توجهاته ومشاربه وأعراقه وألوانه لا يقبل أن تُمس أراضيه وتُنتهك كرامته ..وجاءت آراء كل القوى السياسية بمختلف ألوانها ملتفة حول خاصرة شعار(لا مزايدة على الوطن ) .. (الأحداث) في تلك المساحة حاولت أن تستبين آراء تلك القوى ..وتالياً تفاصيل ما كان .. منبر السلام العادل: الطريق إلى كاودا عبر جوبا عندما هاتفته أمس وصلتني (زفراته الحرى) حاكية كلما تمور به الدواخل ورغم ذلك لم تخف نبرات صوته أنشودة فرح بالنصر الذي حققته القوات المسلحة لاسترداد هجليج وقال رئيس منبر السلام العادل الطيب مصطفى ل (الأحداث) أمس إن فرح جماهير الشعب السوداني أمس باسترداد هجليج رسالة ينبغي أن تُوجه للمؤتمر الوطني ليصحو من حالة الغفلة التي يعيشها، وأن ينهض مما وصفه ب (الانبطاح) ليدافع عن عزة الشعب السوداني، وأن يعي المؤتمر الوطني ان السياسة القديمة التي كان يتعامل بها مع دولة الجنوب سياسة خاطئة ومن المفترض أن يتم تغييرها. وأضاف الطيب مصطفى أن الرئيس المشير عمر أحمد البشير اعترف بأخطاء السياسة السابقة التي فهمتها دولة الجنوب أنها انكسارة وأرداوا التهام الوطني. ومضى إلى أنه ينبغي على أبناء نيفاشا أن يعوا الدرس، وأن يكون رأي الرئيس هو خط المؤتمر الوطني القادم في سياساته مع دولة الجنوب، مؤكداً أن ذلك الاحتلال كان هو نية الحركة الشعبية منذ البداية فهي تخطط لاحتلال السودان وما يُبرهن ذلك أن الحركة الشعبية أبقت على اسم (الحركة الشعبية لتحرير السودان ) فإلى ماذا كانت ترمي بذلك ورغماً عن ذلك لم يفهم أبناء نيفاشا في السودان مخططات الحركة وعندما جاء باقان أموم إلى الخرطوم كادوا أن يستقبلوه ب (طلع البدر علينا ) ..وأضاف مصطفى بأنه يجب على المؤتمر الوطني أن لا يقبل بالجلوس حول أي طاولة تفاوض قبل أن يصل إلى كاودا عبر تحرير جوبا. حزب الأمة القومي: لا مزايدة على سيادة الوطن أكد القيادي بحزب الأمة فضل الله برمة ناصر بأن لا مساومة على أرض الوطن، ماضياً إلى بث تهانيه الحارة للقوات المسلحة باسترداد الأرض المستلبة، وأضاف برمة بأن معركة هجليج ترجمت الواقع الذي يتحدث بأن أرض الوطن أمرٌ لا يخص المؤتمر الوطني وحده (الحزب الحاكم) بل يخص الشعب السوداني بأجمعه، لافتاً أنه عندما أُنتُهكت كرامة الوطن هبّ الشعب السوداني، وعندما وقعت الواقعة وقف ذات الشعب معلناً دفاعه عن الأرض. ويؤكد برمة أنه لذا ما يتعلق بالسيادة الوطنية ليس حصرياً على حزب أو فئة معينة، مشيراً في حديثه ل (الأحداث) أمس أن سيادة الوطن ليست موضوعا للمزايدة، وقال «إنهم يأملون أن لا تُكرر دولة الجنوب ما حدث منها ويجب أن يكون التفاوض هو ديدن العلاقة بين الدولتين» مؤكداً في أنهم يأملون في علاقة سوية مع دولة الجنوب، رافعاً شعار (لا للحرب) لأنها تدمر الاقتصاد والوطن. الاتحادي الديمقراطي: لا للحرب مع إعلانه بأنه ضد أن تدور رحى الحرب بين الدولتين إلا أنه أرسل التهاني حارة للقوات السودانية المسلحة السودانية على استرداد هجليج معتبراً ذلك إسترداداً لكرامة الشعب السوداني، وأكد القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل علي السيد في حديثه ل (الأحداث) أمس بأنهم لا يتمنون العودة الى مربع الحرب ويتمنون العودة الى طاولة المفاوضات لحسم القضايا العالقة بين الدولتين. وقال علي السيد انه يجب أن تتوحد الجبهة الداخلية وكافة القوى السياسية حكومة منها ومعارضة حول خارطة طريق لحسم ما تبقى من خلافات مسائل عالقة بين دولة السودان ودولة الجنوب الوليدة ، مؤكداً أنهم كانوا يظنون أن عهد الحرب قد انتهى بتوقيع اتفاقية السلام الشامل، لكن ما حدث بهجليج قد ترجم غير ذلك، مشيراً الى أنه بالرغم من ذلك يرفعون شعار كفانا حرب. الحزب الشيوعي: يجب الاكتفاء بهذا إن كانت الآراء السابقة لأحزاب يمينية ووسطية فقد جاء حزب اليسار ليؤكد أن الوطنية لا تُقاس بالانتماءات الحزبية. وقال الحزب اللينيني برأيه إن الوطن ملكٌ للجميع وهذا ما أكده حديث القيادي بالحزب الشيوعي السوداني صديق يوسف في حديثه ل (الأحداث) أمس أن الانفصال وإسترداد هجليج أمرٌ جيد. وقال ابن الماركسية صديق المعروف باقتضابه في الحديث بأنهم يتمنون أن يكون استرداد هجليج نهاية للحرب بين الدولتين، وأن تكتفي القوات المسلحة السودانية بذلك النصر الذي حققته، وأن يستمع الطرفان (السودان ودولة الجنوب) لصوت العقل، مشيراً الى أنه يجب على المؤتمر الوطني أن ينتبه إلى ضرورة الجلوس للتفاوض مع كل القوى السياسية حول القضية الوطنية. المؤتمر الوطني: النصر ديدننا هنأ المؤتمر الوطني الشعب السوداني والقوات المسلحة وكل القوات النظامية الأخرى التي ساهمت في دحر العدو واسترداد أرض الوطن (هجليج). وقال القيادي بالمؤتمر الوطني حاج ماجد سوار في حديثه ل (الأحداث) أمس إن النصر هو نهج القوات المسلحة السودانية التي ظلت صامدة في كل المعارك التي خاضتها. وأكد حاج ماجد سوار أن من أكبر الأسباب التي قادت للنصر وحدة وتلاحم الصف الوطني في الايام الماضية، واعتبر ان كل القوى السياسية بكل ألوانها وأطيافها سجلت مواقف قوية كان لها الأثر الكبير في تحقيق ذلك النصر. وأضاف حاج ماجد أن لا بد للنصر أن يُستكمل بتحرير الجيوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، مشيراً إلى أنه من بعد ذلك يجب التفرغ للبناء الوطني، مبيناً انها تعتبر سانحة للقيام بالعديد من المراجعات من أجل مصلحة الوطن ومصلحة الشعب. وحكى حاج ماجد كيف أن دموع الشعب السوداني التي زرفها أمس فرحاً بتحرير هجليج قد هزته كثيراً، مؤكداً أن ذلك الاحتلال الذي قامت به دولة الجنوب لمنطقة هجليج هو مخططات وأهداف لدول خارجية تستخدم الحركة الشعبية وتعتبرها أداة من أدوات تنفيذ أجندتها المعادية للسودان. وأكد حاج ماجد سوار أن الحركة الشعبية لم تلجأ للسلام إلا بعد أن فشلت وأخفقت في القتال فتراءى لها أنها يمكن أن تنفذ مخططها بحكم السودان عبر السلام ففشلت ..ومضى حاج ماجد إلى أنهم بالرغم من ذلك ظلوا أوفياء في اتفاقياتهم معها وكانوا أول من اعترف بدولة الجنوبالجديدة. وأضاف حاج ماجد بأنه آن الأوان لإدراك أن الحركة الشعبية هي مخلب قط وأداة من أدوات الأعداء. وأكد حاج ماجد بأنهم لن يسمحوا بتكرار ما حدث في هجليج مرة أخرى، كاشفا عن أنه سيكون هنالك برنامج إستراتيجي لتأمين الحدود وعدم حدوث مثل تلك الإختراقات للأمن والإستقرار، إلا أن سوار بالرغم من ذلك أكد أنهم لا يرفضون التعاون مع الحركة الشعبية إن تعاملت باحترام للسودان وسيادته مشيراً الى إمكانية فتح صفحة جديدة إن التزمت الحركة الشعبية بالإحترام، لافتاً إلى أن ذلك من أجل مصلحة دولة الجنوب أولاً لأنهم أمسّ حوجة من السودان، مشيراً إن هذا الاتصار يجب أن يُستخدم في حشد الشعب السوداني حول أجندة وطنية. المؤتمر الشعبي: إعلان الرأي عبر مؤتمر صحفي حاولت (الأحداث) استكمال آراء القوى السياسية وكل الأحزاب (إلا من أبى) ..وقال الامين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر في حديثه ل (الأحداث) أمس إنه يُفضل أن يكون رأيه عبر الموقف الرسمي لحزبه والذي أوضح انه سيعلن عبر مؤتمر صحفي للحزب في غضون الايام المقبلة ..وبدبلوماسية ولباقة اعتذر القيادي بالمؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة عن الإدلاء برأيه.