لعب الهلال أمس أمام خصمين: فريق هلال كادوقلي وأرضية استاد كادوقلي. فقد كانت واحدة من أغرب المباريات التي شاهدتها في الفترة الأخيرة وساهم سوء أرضية الملعب بدور كبير في الطريقة التي تعامل بها الفريقان مع الكرة التي ظلت أغلب فترات المباراة في الهواء. وقد ساعدت اللياقة البدنية العالية فرقة الهلال العاصمي كثيراً في التعامل مع المباراة التي احتاجت بالفعل إلى مخزون لياقة عالي خاصة بعد أن تأكد للاعبي الهلال وقبلهم نجوم هلال كادوقلي أن أي محاولة للتعامل مع الكرة بالأسلوب الحديث بنقلها في تمريرات والتمرحل في الانتقال من الوسط للدفاع للهجوم من المستحيلات.. وهي من المباريات التي لن تمحى من ذاكرة لاعبي الهلال بسهولة بحساب المجهود الكبير الذي بذل حتى يستطيع الفريق العودة بالنقاط الثلاث .. لأننا لو أجرينا استطلاعا وسط لاعبي الهلال عقب المباراة وسألنا كل لاعب عن رؤيته للمباراة سنخرج بإجابة واحدة عنوانها (أصعب مباراة نؤديها في الدوري حتى الآن) .. فقد تخيلت في كثير من الأحيان أثناء سير المباراة أن ما أشاهده أمامي مباراة في دوري (اليويو) بعد تطوير اللعبة الشهيرة عند الأطفال لتصبح صالحة للكبار بتفاصيل أقرب لكرة القدم. وكرة تؤدي مهمة (اليويو) وهي تتلوى في كل الاتجاهات رافضة الخضوع لأوامر اللاعبين .. وشاهدنا كيف تذهب الكرة في اتجاه اللاعب من تمريرة متقنة تمر فجأة من تحت قدمه فيصبح في وضع مضحك أو يتجه لاعب نحو كرة تضرب في الأرض وتتحول إلى مكان آخر.. وهكذا الكرة تتقافز هنا وهناك واللاعبون يطاردونها في مشهد (تيليماتشي) يستحوذون عليها مرة وقبل أن يضعوها بين أرجلهم تهرب منهم إلى الجهة الأخرى وحتى حراسة المرمى التي مثلها (المعز وحافظ) قاتلا (الكرة) بشدة لمنع مفاجآتها وكنا نشاهدهما في قمة التركيز والمتابعة لحركتها مع الفريق أو مع الخصم.. وحتى حكم المباراة أصابه الإعياء في منتصف الشوط الثاني بتواجده في أماكن بعيدة عن موقع الحدث مع العلم أنه بدأ المباراة (بالأسود الكامل) وعاد في الثاني (بالزي الأصفر مع الأسود) في دلالة على حرارة الجو ربما وهو ما يزيد من معدل الإرهاق.. رغم طبيعة المباراة المختلفة عن المباريات العادية إلا أنها قدمت خدمة كبيرة لمدرب الهلال الفرنسي غارزيتو وهو مقبل بعد أيام قليلة على المواجهة الأفريقية الهامة أمام فريق الشلف الجزائري. ومن الإيجابيات التي أفرزتها المباراة الحركة التي لاتهدأ للاعبين طوال زمن المباراة ومطاردة الخصم بأكثر من لاعب عند فقد الكرة، وقد ساعد هذا الأمر علي استعادة سريعة للكرات المفقودة وساهم التحرك السريع في حال بناء الهجمة والعودة للدفاع في تضييق المساحات على لاعبي هلال كادوقلي ومنعهم من استخدام سلاح السرعة والهجوم بأكثر من لاعب للاستفادة من تقدم لاعبي الهلال، ولكن كل المحاولات فشلت في هذا الجانب رغم خلق بعض الفرص، ولكن على ندرتها جاءت إما من ضربة ثابتة أو عكسية من الأطراف.. أيضاً من المكاسب التي حققها الهلال في هذه المباراة ظهور الدفاع بصورة جيدة في معظم فترات المباراة ماعدا بعض الهنات المحفوظة من سيف مساوي وباري ديمبا والتي تحتاج منهما إلى وقفة للتخلص منها لأنها أخطاء لو وجدت هجوماً غير هجوم هلال كادوقلي مؤكد أن الفريق سيعاني كثيراً.. وبنهاية مباراة هلال كادوقلي يحافظ الفريق على الأفضلية في خط الدفاع باستقبال شباكه لهدفين فقط أمام الموردة وأهلي الخرطوم وهو إنجاز جيد حتى الإسبوع الثامن من انطلاقة المنافسة .. وفي المقابل أكدت فرقة هلال كادوقلي بقيادة المدرب المميز برهان تية أنها من الفرق المحترمة التي تقدم مستويات رائعة داخل الارض وخارجها، وتضم مجموعة مميزة من اللاعبين. وفي تقديري أن ترتيب الفريق في روليت لايعبر عن المستويات التي يقدمها في المنافسة .. وإن كان الوقت مازال مبكرا على أي مخاوف في الترتيب وأمامه الفرصة كبيرة للتقدم مراكز أعلى مع استمرار المنافسة .. ويستحق ذلك بكل تأكيد.