في تطور جديد لقضية المزراعين مع البنك الزراعي تلقى اتحاد المزراعين بولاية القضارف أمس الأول خطاباً من البنك الزراعي يمهله فيه 48 ساعة لسداد شركة شيكان للتأمين الزراعي مديونية المزارعين لدى البنك الزراعي، أي اليوم حسب موعده المضروب وفي حال عدم السداد هدد البنك بتحريك إجراءات قانونية ضد المزارعين، وقابل الاتحاد على لسان أمينه المالي حمزة عبد القادر ل(الأحداث) بفتح بلاغ في مواجهة البنك الزراعي حال تحريكه إجراءات ضد المزارعين، وقال إن المديونية تقدر بعشرة مليون جنيه. واتهم حمزة البنك الزراعي بالتواطؤ والتنصل من المزارعين مشيراً إلى أن البنك أجبر المزارعين على التأمين ويقف الآن متفرجاً إلا أن نائب رئيس اتحاد عام مزارعي السودان غريق كمبال قال في حديثه ل(الأحداث) امس إن قضية الإعسار قضية متجددة بتجدد المواسم الزراعية، وعزا ذلك الى عدم وجود سياسات زراعية مستقرة حيث ساهم ذلك في تخبط المزارعين حيث يترك المزارع لزراعة أي محصول يراه مناسباً في ظل عدم وجود محصول محدد يرتكز عليه بحيث تكون زراعته مضمونة العواقب ومربحة، مبيناً أن الدولة لا تحدد نوعية المحاصيل التي يجب أن تنتج واعتبرها مشكلة السياسات الزراعية، إضافة الى عدم وجود التأمين الزراعي يساهم في إحجام الاستثمار خاصة الاستثمارات الأجنبية فإن المخاطر التي تحيط بالزراعة لا يوجد راعٍ تأمين لها، وقطع بأن هنالك بعض المحاولات لمعالجة الإعسار، بيد أنه وصفها بغير المجدية للتخفيف منه، بعد أن أخذت حلولاً ومحاولات فردية للمعسر وليس علاجاً جماعياً بجانب عدم انفعال الولاة مع هذه الظاهرة قد أضاع كثيراً من الجهود التي بذلت. مؤكداً أن هناك بعض الولايات استفادت من هذه القرارات ومعظم الولايات لم تستفد لجهلها وعدم وعي ولاتها بخطورة هذه الظاهرة، مؤكداً أن ضعف الاتحادات الولائية عامل أساسي في عدم معالجة هذه الظاهرة بالولايات. لكنه نفى في اتصال هاتفي أمس حدة التعامل مع البنك الزراعي، وقال المسألة مقدور عليها، وزاد البنك الزراعي نفسه شريك في التأمين، مبيناً أن هنالك ظروفاً قانونية شرعية تمنع المزارع من الالتزام، وأكد وجود إعسار في كل من ولاية القضارف وبعض الولايات لظروف مناخية بينما ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لظروف الحرب. من جهته طالب الخبير الزراعي أنس سر الختم في حديثه ل(الأحداث) أمس بمعالجة حالات الإعسار الماثلة الآن بالإعفاء أو أن تقوم الدولة بسداد هذه الديون للمصارف وتفعيل دور ديوان الزكاة تجاه المعسرين رغم الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد برفع كفاءة الإرشاد الزراعي، وشدد على ضرورة دعم الحكومة للمحصولات الزراعية خاصة محصول الذرة إلا انه المحصول الذي أدى لتحقيق العدالة لدى جميع المزارعين اضافة الى ايجاد سياسة تسويقية مستقرة تساهم في ضمان الحد الأدنى من الأسعار بالنسبة للمزارع وتنشيط البروتوكولات الزراعية وايجاد القروض للزراعة الآلية لإدخال التقانة والوسائل الحديثة لرفع الإنتاجية، إضافة الى تشجيع التصنيع الزراعي وحل مشكلة التمويل الزراعي بإيجاد صيغ جديدة كالمشاركة والمسافات والتمويل بأجل طويل ومتوسط وتوجيه الاستثمار الزراعي للمناطق التي تتمتع بميزات استثمارية، وقطع بإهمال الدولة للقطاع الزراعي وخاصة الزراعة الآلية التي نشأت في تحت رعاية الدولة والقروض الأجنبية التي ساهمت في وقت سابق في بناء البنيات التحتية لهذه الزراعة التي ساهمت بنسبة كبيرة في الناتج القومي وتأمين غذاء، وطالب بتدخل الدولة بصورة واضحة عبر السياسات الزراعية لمحاصرة هذه الظاهرة، وأرجع تزايد الإعسار والمعسرين لتدني الإنتاجية في الأعوام الاخيرة والسياسات التمويلية المتبعة في القطاع الزراعي، بجانب ارتفاع تكاليف الإنتاج واسعار المدخلات الزراعية، بالإضافة الى العوامل الطبيعية من جفاف وفيضانات وسيول وأمطار، في إشارة الى ضعف البنيات الأساسية من قنوات ري وطرق ومراكز خدمات مختلفة وغياب الإرشاد الزراعي وعدم اتباع النظم العلمية الى جانب تذبذب اسعار المحاصيل الزراعية وعدم وجود سياسات تسويقية مستقرة. وفي الاتجاه قال عبد الحميد مختار الأمين العام لاتحاد المزارعين في حديثه ل(الأحداث) أمس إن المصارف التي يعتمد عليها في التمويل تضع ارباحاً كبيرة على التمويل مما يؤثر على مقدرات الاجهزة المصرفية وتؤدي لحرمان المعسرين من التمويل الزراعي ولسنوات طويلة وفق قانون بنك السودان بالاضافة الى اختفاء بعض المحاصيل الزراعية لعدم جدواها الاقتصادية لدى المزارعين مما قاد للهجرة الى المدن للبحث عن مهن مضمونة العائد. وانتقد قانون الاموال المرهونة للبنوك وقال إنه ينطوي على كثير من العيوب، مؤكداً أن حل قضية الإعسار يكمن في إنشاء صندوق درء المخاطر معيباً على الحكومة تباطؤها في تنفيذ السياسات التي تدفع بمعالجة قضية الإعسار، وأبان أن سياسة بنك السودان تجاه القطاع الزراعي عامل أساسي في تفاقم قضية الإعسار حيث إن الأرباح التي يدفعها المزارعون تفوق ال 33% في بيع السلم، مبيناً أن هذه المعاملة أفقرت المزارعين، مشيراً الى أن بقية المزارعين في طريقهم للحاق بركب المعسرين اذا لم تتبدل السياسة الموجهة للمزارعين، وقال إن وجود سياسات مصرفية راشدة تتماشى وسياسة التحرير تمثل باب الخروج من دوامة الإعسار، موضحاً أن السياسات الزراعية مضطربة وغير مواكبة وان التركيبة المحصولية ذات أثر سالب على المزارعين، مشيراً الى أن المرحلة تحتاج لسياسة زراعية واضحة. واكد مختار على أن الإعسار نتاج لسياسات سالبة سابقة ولابد أن تعالج بتنفيذ كامل للخطط الموضوعة في برنامج النهضة الزراعية وهي زيادة الإنتاجية باستخدام التقانات الحديثة وتدريب المزارعين ومعالجة مشكلة التسويق وتوفير التمويل في الوقت المناسب واستخدام المدخلات المطلوبة كحزمة متكاملة لتجاوز الإعسار وحل مشكلة القطاع المطري، ولابد من اجتثاث السياسات السالبة، وقال لا يوجد مبرر لمنع البنك أن يطالب بحقه وفقاً للعقودات متفق عليها، وتوقع أن يحل الاتحاد القضية كما نظر لقضايا الإعسار في الوقت الماضي خاصة قضية التأمين والتي يعتبر البنك جزءاً منها.