مثّل اعتداء دولة جنوب السودان على منطقة هجليج ذروة الانتهاكات التي ظل يرتكبها الجيش الشعبي منذ انفصال الدولة الوليدة عن السودان العام الماضي، الأمر الذي أدى لإدانة هذا الفعل بإجماع دولي وإقليمي ومطالبة الجنوب بالانسحاب من المنطقة. وجاء تحرير القوات المسلحة المنطقة، لكن استمر الجيش الشعبي في انتهاكاته غير عابئ بالمواقف من حوله. المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد، أجاب على الاتهامات التي ظلت ترددها حكومة جنوب السودان بقصف الجيش لمناطق المدنيين هناك، وإمكانية تأثير التزام الحكومة بقرار مجلس الأمن الأخير على قدرتها على استردادها للمناطق المحتلة، إضافة للضمانات الموضوعة لمنع تكرار عدوان دولة الجنوب على الأراضي السودانية، وغيرها من القضايا المهمة.. تقول حكومة الجنوب إن القوات المسلحة قصفت مناطق مدنية في الجنوب رغم قرار مجلس الأمن.. ما تعليقك؟ حقيقة هذا اتهام يأتي في سلسلة اتهامات دأبت دولة الجنوب على توجيهها لنا في القوات المسلحة، وهو اتهام تهدف به تبرير اعتداءاتها المتكررة على السودان، ودخولها لمناطق كافي كنجي وكفن دبي والميرم وسماحة و(14) ميل؛ وكثير من المناطق الاخرى.. واتهامها ادعاء لا أساس له من الصحة، وليس بيننا حرب دائرة مع دولة جنوب السودان، وليس لدينا اهداف داخل دولة جنوب السودان لنقوم بقصفها، سواء أكان قصفاً جوياً أو غيره. لكنكم تعهدتم بتحرير المناطق المحتلة من دولة الجنوب على الحدود؟ تحرير المناطق المحتلة على الحدود شأن داخلي يخصنا؛ فالقوات المسلحة لم تتعد حدود 1956م، ومن حقنا الدفاع عن أرضنا ومكتسباتنا. وواجبنا استرداد المناطق المحتلة؛ وتمكنا من طرد الجيش الشعبي من (كفن دبي) و(كافي كنجي) وحررناها تماما، وكل هذا يحدث شمال حدود 56؛ أما جنوبها فأي اتهام ضدنا بقصف أو إدارة معركة فهو اتهام يحتاج للأدلة والشواهد، وأؤكد انه اتهام غير صحيح . التزامكم بقرار مجلس الأمن القاضي بوقف العدائيات هل يعني أن الجيش لن يسعى لتحرير بقية المناطق المختلف حولها؟ نحن لا زلنا ملتزمين بقرار مجلس الأمن 2046 الذي ينادي بوقف العدائيات، ولكن التزامنا به لا يعني أن لا ندافع عن أراضينا داخل حدودنا؛ فالعدائيات تعني الاعتداء على حدود الآخر، أما ان ترد العدوان عن ارضك فلا يعد خرقاً لقرار مجلس الأمن.. وسنظل ندافع عن أراضينا السؤال هل ستظل القوات المسلحة تباشر مهامها في الدفاع عن مناطقها بعد صدور القرار؟ عملنا بالفعل على تحريرالمناطق التى احتلت، وطردنا قوات الجنوب من كفن دبي وكافي كنجي وهذا ليس خرقاً للقرار لأنها مناطق داخل حدودنا . هناك من يرى أن الحدود لم يتم ترسيمها بين السودان والدولة الوليدة فكيف يتم تحديد مناطق بانها داخل الحدود أو خارجها؟ عدم ترسيم الحدود لا يعني أنه لا توجد حدود، وهناك معالم حدودية متفق عليها؛ فحدود سنة 56 معلومة ولها علاماتها.. وحتى وإن لم يتم ترسيم الحدود بين الدولتين حسب تقسيم القرى والارياف فلكل حدوده الادارية. وبالنظر الى الحدود بين السودان وليبيا وكذلك الحدود بين السودان ومصر لا يوجد هنالك ترسيم للحدود.. فهل هذا يعني هذا أنه لا توجد حدود بين السودان وليبيا ومصر مثلا؟ وعدم ترسيم الحدود لا يعني الاندياح والتغول على حدود ومناطق الآخر. لكن دولة الجنوب دولة وليدة من رحم السودان، وبالتالي فإن الحدود تظل متداخلة ومتشابكة، فكيف يتم فض هذا التداخل قبل ترسيم الحدود؟ الحدود بين الشمال والجنوب معروفة حسب المؤشرات الطبيعية والجغرافيا والبنى العمرانية الموجودة، وحدود 56 متقف عليها. الطرف الآخر لا يعترف بها ويطالب بضم مناطق من داخل الحدود السودانية؟ المناطق التي حولها نزاع اربع فقط، واتفقنا على أننا اختلفنا حولها كيف تنظرون لتضمين حكومة الجنوب لهجليج فى خارطة دولة الجنوب؟ هذا مجرد عبث وكلام فارغ ليس إلا، وهذا المسلك لن يجد سند دولى أو اقليمى، لأن هجليج لم تكن يوما جنوب حدود 56، وهى تسكنها قبائل الحوازمة والمسيرية، ولا تملك حكومة الجنوب أية وثيقة تسندها قانونيا، فكما قلت هو مجرد عبث وضرب من ضروب المستحيل. وماذا بشأن ادعاء بعض الجنوبيين بأن هجليج أصلاً تسمى بانثو وتم تحريف الاسم من قبل السودان؟ الادعاء دون سند ومستند لا قيمة له، وهذا الادعاء كما أعلم يروج له (شخص واحد) يدعى تعبان دينق، ويقال انه يرسم لنفسه خرائط ليطرحها كشواهد لادعائه.. ومعروف ان كل اللجان العالمية التي اشتركنا معها خلال مفاوضات نيفاشا وخلال البرتكولات التي وقعت مع دولة جنوب السودان سابقا؛ اتفقنا معاً ان المناطق المختلفة حولها أربع فقط ليس من بينها هجليج، وتم توقيع الحركة الشعبية على ذلك، وهذا الادعاء لا يحتاج لمجرد الرد عليه. حكومة الجنوب تسعى لمقايضة هجليج بابيي.. ما رأيك؟ هجليج سودانية، وهذا مجرد طلب ننظر اليه في إطار (العبث)، ولا يستحق حتى مجرد الرد عليه. ما تعليقكم على طلب حكومة الجنوب الذي جددته بنشر قوات دولية على الحدود بين السودان ودولة الجنوب؟ من جانبنا نحن نؤكد التزامنا بالحدود الدولية، لكن مسألة القوات الدولية لن تتم إلا بموافقة الطرفين، وليس لدينا ما نخشاه، واذا وقفت أي لجنة مراقبة ستشهد التزامنا على الأرض . هل يعني هذا أنه ليس لديكم اعتراض حول تواجد قوات دولية؟ هذا الامر تحدده الدولة.. وفي رأيي أن وجود تلك القوات اذا كانت تحظى بالنزاهة والعدالة سيعزز من الإدانة لحكومة الجنوب، ويثبت تورطها في اعتداءاتها على مناطق داخل حدود السودان. بعض المسؤولين في الحكومة وافقوا على خارطة طريق مجلس السلم الافريقى والبعض اعترض عليها.. كيف تنظر المؤسسة العسكرية للأمر؟ هذا الامر مسئولية الدولة أن توافق أو لا توافق. وكقوات مسلحة فقط نؤكد التزامنا بخارطة الطريق وبمواقعنا. هل يمكن أن يكون اتهامكم بقصف مناطق مدنية في الجنوب تبرير للمطالبة بقوات اممية؟ لم نقصف أية منطقة كل ما نقوم به هو للدفاع عن أراضينا.. وحكومة الجنوب ادعت قصف مناطق فى أعالي النيل وولاية الوحدة، وتلك مناطق في عمق الجنوب ولاعلاقة لنا بها. منظمة هيومن رايتس ادعت مؤخراً سقوط عشرات القتلى من الجنوبيين جراء قصف جوي ما تعليقك؟ لا علاقة للجيش بما يتم داخل الجنوب.. والدليل أن لدينا الآن ملايين الجنوبيين داخل حدود السودان، لم يتم ترحيلهم ويعيشون بأمان وسلام؛ فإذا كنا نسعى لإبادة إنسان الجنوب كان من المنطقي أن نقضي على هؤلاء وهم بين ظهرانينا، لكن هذا يؤكد أن هناك اتهامات تساق جزافاً وافتراء بنوايا وأغراض مختلفة ضد السودان. هل يمكن القول أن الوضع الاقتصادي الحالي ربما يؤثرعلى أداء القوات المسلحة؟ أوضاع القوات المسلحة تتأثر بما تتأثر به الدولة عموماً، لكن الحمد لله الجيش بخير. هل تتوقع توقيع مجلس الأمن عقوبات على الطرفين خاصة في ظل استهداف بعض الدوائر الغربية للسودان؟ ليس لدي تصور معين، لكن اذا تم توقيع عقوبات على الطرفين، فإن ذلك يعد في سياق المماثلة والمكافأة بين الطرفين. والمعلوم أن دولة الجنوب هي المعتدية، ولا يجوز أن يعاقب الجاني والمجني عليه. تعدد جبهات القتال من اعتداءات متمردي دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق، ألا يرهق هذا الجيش؟ قواتنا تتوزع في كل ارجاء السودان، وبكل منطقة لدينا فرقة للدفاع عن مسئولياتها وحدودها. ونحن على أهبة الاستعداد لصد أي عدوان، ونؤكد جاهزية القوات المسلحة ومقدرتها على الزود عن حمى الوطن في أي لحظة من اللحظات.. محتمل أو متوقع أو حتى غير محتمل، والقوات المسلحة لا تنام وتسهر ليل نهار على أمن المواطن. إذن كيف ترد على الاتهامات بوجود تفريط لحظة احتلال منطقة هجليج؟ ليس هناك أي تفريط، لكن في العمل العسكرى كل شىء وارد، فلا يمكن القول ان المسلمين هزموا في غزوة أحد بتفريط منهم أو إهمال.. وربما يتم التخطيط لعمل في ميدان فيأتي العدو من ميدان آخر فيفسد عليك الميدان الأول مثلا.. وأؤكد أن خطتنا في هجليج كانت محكمة ولكن ما حدث أمر عسكري عادي، وهجليج ليست مدينة بل هي إقليم كامل. هل هناك ضمانات بعدم تكرار حكومة الجنوب لعدوانها على المناطق الحدودية؟ لقد اتخذنا كافة الضمانات والتدابير العسكرية والتحسينات اللازمة حتى لا يتكرر ذلك. كيف تنظرون لمستقبل العلاقة مع دولة الجنوب فى ظل تداعيات الأحداث بين الدولتين؟ والله في الحسابات العسكرية والسياسية كل شىء وارد، واقول ربما ينصلح الحال مع دولة الجنوب، ويسود الصفاء بين الطرفين . ماذا بشأن الوضع الأمني في اقليم دارفور؟ بحمد لله آخر توتر هنالك حسمته القوات المسلحة في منطقة قريضة أمس الأول، وتم هزيمة قوات المتمردين وتكبيدهم خسائر في الأرواح والمعدات. وبالنسبة لمناطق التوتر الاخرى جنوب كردفان والنيل الازرق؟ هذه المناطق هادئة إلى حد كبير، ليس هناك احداث يمكن ذكرها هنا. المناطق المحررة كيف يتم تأمينها من أي عدوان جديد؟ القوات المسلحة على أهبة الاستعداد بنسبة 100% في تلك المناطق أخيراً، هل يمكن القول أن انسحاب القوات المسلحة من الجنوب قبيل انسحاب الفرقة التاسعة والعاشرة التابعة للحركة الشعبية من السودان كان خطأ؟ القوات المسلحة انسحبت وفق قرار قيادتها إنفاذاً للاتفاق بين الطرفين، أما الفرقتين 9 و10 للجيش الشعبي التي هي اسباب التوترات في النيل الأزرق وجنوب كردفان، واذا تم فك ارتباط دولة الجنوب بتلك الفرق سينتهى التمرد هناك.