اشتهرت ولاية جنوب دارفور دون غيرها من ولايات الإقليم بتنامي عمليات اختطاف الأجانب، لا سيما من جنسيات الدول المتقدمة: أمريكا ، بريطانيا ، روسيا .. في سيناريوهات تصلح لأن تكون مسلسلات بلا نهاية وإن كانت خواتيمها جميعا متشابهة بالإفراج عن الضحية بعد أزمان تتفاوت .. وعادة ما يكون أبطال الاختطاف مجموعات مسلحة أو متفلتة أو خارجة عن القانون كما تسميها السلطات بالولاية .. وفي كل مرة يفرج فيها رهينة يتكتم المسؤولون عن أسلوب الاختطاف وكيفية التحرير ؟ وعادة تكون إجابة سلطات الولاية بأن فك محنة المختطف اكتملت دون خسائر في الأرواح . وبلا مقاومة .. وأن الهدف الأول كان ضمان سلامة الرهينة .. واللافت أن المقبوض عليهم في عمليات التحرير السابقة لم يقدموا إلى محاكمة .. الأمر الذي جعل عمليات اختطاف الأجانب بجنوب دارفور يكتنفها الغموض .. من لدن اختطاف الأمريكية (بلافيا) التي تم تحريرها بعد 100 يوم، مرورا باختطاف ثلاثة طيارين روس في نيالا ليتم تحريرهم في اليوم الثاني .. ولم يدم الوقت طويلا حتى جاءت عملية اختطاف ثلاثة طيارين من حي المطار بنيالا، وكذلك السلطات قالت إنه تم تحريرهم دون مقاومة في منطقة كاس بجبل مرة غرب الولاية .. حتى الأطباء الأجانب لم يسلموا من الاختطاف، فكان اقتياد الطبيب الإيطالي الذي يعمل بأحدث مستشفى للأطفال بالولاية وهي الحادثة التي أثارت حفيظة مواطني نيالا و أدت إلى إغلاق المستشفى الوحيد للأطفال بالولاية .. لتأتي عملية تحريره غرب جبل مرة في ولاية غرب دارفور .. ويتكرر ذات السيناريو أمس حين تأتي حكومة جنوب دارفور لتعلن خلال مؤتمر صحفي إسدال الستار على عملية اختطاف المستر باترك نونان مدير مركز الإمداد الموحد التابع لبرنامج الغذاء العالمي WFP الذي اختطفته إحدى الجماعات المسلحة من داخل مدينة نيالا في مارس الماضي، وتكتمل عملية تحريره بعد 86 يوما من الاختطاف دون مقاومة أو دفع فدية، الأمر الذي شكل تحديا كبيرا للجنة أمن الولاية كما أشار الوالي حماد إسماعيل حماد الذي كشف عن أن عملية تسليم باترك كانت الساعة الرابعة صباحا من يوم الأربعاء 30/5 في إشارة إلى استغلال علاقات اجتماعية تربط الخاطفين وكل من له صلة بهم لتجنب الاحتكاكات المتوقعة. وكشف حماد عن اتصالات كانت مع المختطف تؤكد سوء حالته الصحية وأنه يعاني من مرض الكلى الأمر الذي كان في غاية الخطورة مما زاد من قلق السلطات البريطانية وجعلها في حالة قلق مستمر وأضاف (الحالة الصحية بدأت تسوء لذلك من جانب إنساني لا بد من مضاعفة الجهود لإطلاق سراحة وقد كان) واعتذر الوالي عن الإدلاء بأدق تفاصيل عملية الاختطاف والتحرير وتابع (لأسباب أمنية لا نستطيع أن نكشف عن كل خططنا، بيد أنه أشار إلى خطة لعدم تكرار الحادثة فيما كشف المختطف باترك أن المجموعة اقتادته من نيالا إلى غرب دارفور بالقرب من مطار الجنينة نحو 10كم وتنقل بين 6 مواقع في الولاية، وقال إنه و لنحو 85 يوما كان يعتمد في طعامه على البرتقال، وحظيت ولاية جنوب دارفور بعد عملية اختطاف البريطاني باترك باهتمام بريطاني وأممي كبير بحسب ما أكده حماد، وأشار إلى وصول نائب المسئول الأمني ل (WFP) بجانب وفد رفيع من الخارجية البريطانية تطالب بضرورة الإسراع في تحرير الرهينة لتشكل ضغوط أممية ودولية على السودان وحكومة جنوب دارفور. وقال حماد إن عملية التحرير كانت تدار بدقة عالية وتنسيق تام بين برنامج الغذاء العالمي وحكومة جنوب دارفور والسفارة البريطانية بالخرطوم بجانب أسرة الرهينة الأمر الذي جعلها تسير بتعتيم إعلامي من جميع الأطرف حتى أتت عملية تحريره بنجاح دون مقاومة أو إراقة دماء أو دفع فدية بحسب ما جاء في المؤتمر الصحفي من الرهينة، و WFP ولجنة أمن الولاية. ولا تزال ثمة أسئلة عالقة دون إجابة كافية: كيف تتم عملية الاختطاف من داخل مدينة نيالا والمدينة تحاط بسياج أمني وخندق واقٍ من الاختراقات الأمنية؟ من هم الخاطفون!!؟ وما هو الغرض من الاختطاف؟؟ ولماذا يتكرر؟ وأين الخطط الأمنية المحكمة؟ ولماذا لم يقدموا للمحاكمة إذا تم القبض عليهم؟ .