شهدت الايام القليلة الماضية اجتماعات مكثفة بين بعثة من صندوق النقد العربي التي تزور البلاد برئاسة مدير الدائرة الفنية بالصندوق دكتور مصطفى قارة ووزارة المالية والاقتصاد الوطني حيث اطلعت الاخرى البعثة على الاوضاع الاقتصادية بالبلاد والصعوبات التي يواجهها بعد انفصال الجنوب، خاصة بعد فقدانه لأهم مورد أساسي للعملة الصعبة بجانب تدهور سعر الصرف وارتفاع التضخم، وفي الاتجاه أكد الصندوق تعاونه ومساندته للسودان والوقوف معه في التحديات التي تواجهه بعد انفصال الجنوب، ووعدت بإمكانية النظر في مساعدة السودان في الظروف التي يواجهها في الوقت الحالي، لافتا إلى أنهم اطلعوا على برنامج الاصلاح الاقتصادي الذي وضعته الدولة للخروج من الأزمة كما اطلعوا على عدد من سيناريوهات المعالجة في الجانب المالي والنقدي والتطورات فيما يتعلق بسوق سعر الصرف في النقد الاجنبي، وأكدت البعثة على قدرة الحكومة السودانية على تخطي كافة المصاعب الناجمة عن انفصال الجنوب، لكن هنالك خلافا في شكل الدعم الذي يمكن أن يقدمه الصندق للسودان حيث يرى بعض الخبراء والمختصين امكانية تقديم الصندوق مساعدة للسودان في حال أن وافقت الدول الاعضاء على القروض أو الدعم لكنهم رهنوا تلك المساعدات بالاوضاع السياسية والأمنية، غير أن المساعدات ستحاج إلى وقت طويل، وأنها لن تكون آنية بحيث تعالج مشاكل الأزمة الاقتصادية بالبلاد، فيما يرى البعض الاخر بأن الدعم سيكون فنيا ومعنويا في شكل اجراء دراسات واستشارات فقط لجهة أن للصندوق ديون على السودان وبالتالي لن تكون المساعدات في شكل قروض، فيما كشف مصدر مطلع بالدولة بأن السودان ومنذ وقت طويل طلب من الصندوق مبالغ تقدر بأكثر من (500) مليون دولار وأن الزيارة الحالية تترجم بأن سيقدم العون اللازم للسودان لمواجهة التحديات وتجاوز الصعاب. لكن وزير المالية والاقتصاد الوطني الاسبق دكتور سيد علي ذكي قلل من وعود صندوق النقد العربي في مساعدة السودان ماديا لحل الازمة الاقتصادية الراهنة، وقطع في حديثه أمس ل (الأحداث) بأن أغلب المساعدات التي وعد بها الصندوق ستكون فنية في شكل اجراء درسات للتأكد من الارقام التي تؤدي الى نتائج جيدة وتجويد، فضلا عن أنها مساعدة معنوية في مجال إزالة التشوهات، كاشفا عن أن صندوق النقد العربي لديه ديون على السودان وبالتالي مساعدته لن تكون أكثر من العون الفني بيد أنه رجع قائلا بأنه في حال أن قررت الدول العربية الاعضاء بالصندوق دعم السودان ماديا فمن المؤكد أنها سترسل وفدا فنيا للوقوف على امكانية الدعم الفني لازالة اثار الحرب كما حدث أن فعلها صندوق النقد الدولي لجنوب السودان وعليه فمن المحتمل أن يكون العون فنيا وقروض لعمل مشروعات لإزالة آثار الحرب . غير أن مصدر مقرب من الحكومة فضل حجب اسمه أكد في حديثه ل (الأحداث) بأن صندوق النقد الدولي مثله مثل صندوق النقد الدولي السودان عضو فيه، ومن المفترض أن يساعد في إزالة التشوهات والاختلالات النقدية وعجز الميزانية خاصة ميزان المدفوعات، كاشفا عن أن السودان ومنذ فترة طويلة تقدم بطلب لصندوق النقد لمساعدته في توفير مبلغ بقرابة ال (500) مليون دولار ولم يحسم وفي تقديري أن البعثة جاءت لهذا الصدد. فيما يرى الاقتصادي بجامعة الخرطوم دكتور محمد الجاك بأن المساعدات التي تقدمها الصناديق مرتبطة ارتباطا وثيقا بالدول المكونة لعضوية الصندوق، لافتا في حديثه أمس ل (الأحداث) بأن كثيرا من تلك الدول خاصة التي سبق وأن طلب السودان منها المساعدة خاصة في تقديم قروض ووعدت بذلك واعلنت من جانب المسؤولين أن بعض الدول ستعطينا قروض لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح بل حتى أن المسؤولين رفضوا الافصاع عن حجمها، لذلك اعتقد بأن مساعدة الصندوق مرتبطة بموافقة الدول الاعضاء وتقييمها للازمة الاقتصادية السوداية لجهة أن السودان عضو في الصندوق وعليه فإن اي عضو في حالة الموافقة على المساعدة تتم بناء على دراسة تحدد مدى امكانية أن تستغل هذه المساعدة في مشروعات على أن تدر دخلا وبالتالي يستطيع السودان أن يرد هذه المساعدات، لكن التصريحات التي تدلي بها الوفود في هذه الحالة لا يؤخذ بها إلا بعد التأكد من وصول الصندوق لتقديم المساعدة للسودان، لافتا إلى أن هنالك صناديق اقليمية مرتبطة بصناديق دولية وبالتالي يستفيد منها في اي مقترحات ودراسات قامت بها هذه المؤسسات النقدية للاقتصاد السوداني، لافتا إلى أن ما ورد في الاخبار عن لقاء بعثة الصندوق بوزارة المالية كأنما هنالك قناعة مسبقة للصندوق بأن يقدم مساعدة لمحاصرة الازمة الاقتصادية، مؤكدا على ضرورة أن ياخذ في الاعتبار ما ينتج عنه تقييم الصندوق للمعالجات التي قامت بها الدولة خاصة في مجال البرنامج الاسعافي للدولة فإما أن تأخذها في الاعتبار أو أن هنالك بعض المعالجات التي طرحت، وقطع ما لم يبحث في هذه المعالجات لن يعطي اشارة. وأكد الجاك بأن المشكلة السودانية عاجلة تحتاج إلى دعم غير عادي لكن في الاتجاه فإن المؤسسات حتى تدرس الامر وتصل إلى نتيجة وهذه النتيجة تدعم مساعدة السودان ولكنه يحتاج إلى وقت طويل، مطالبا بضرورة أن يستفيد السودان من العلاقات الثنائية مع الدول الاعضاء في الصندوق ومن المؤكد أن ذلك سيكو ذا فائدة اكبر للسودان، قاطعا بأن المساعدات التي يقدمها الصندوق لن تخدم الغرض الآني (المدى القصير) حسب احتاجات السودان والبديل أن تلجأ للاتفاقيات الثنائية، لافتا إلى أن المؤسسات النقدية تأخذ في الاعتبار الاستقرار السياسي ومدى جهود الدولة في الصدد.