بلال عبد الله.. اسم قد لا يكون معروفاً للكثيرين، ولكن هذا لا يعني مطلقاً بأنه ليس عبقرياً في مجال التلحين.. فهو ملحن من المستوى الرفيع لأنه صاحب موهبة لحنية ضخمة ومختلفة تماماً عن الشكل الموسيقي السائد.. جلست مع بلال عبد الله وأجبرته على هذا الحوار لأنه لا يحب الأعلام كما يقول.. ولكنه نزل عند رغبتي في محاورته. أولاً نتعرف عليك؟ أنا بلال عبد الله محمد صالح فنان شعبي قديم في دار فلاح.. وأنا بديت بداية تختلف عن الفنانين الشعبيين.. لأن بدايتي كانت كورالية فيها الكثير من التميز اللحني من حيث الخطوط الأدائية واللحنية.. وأنا أعتبر نفسي من المجددين في الغناء الشعبي.. بعد ذلك انتقلت لفن الجاز وتعلمت الموسيقى في شرطة الخرطوم.. وأعتقد أن الجاز كان له تأثير كبير على تجربتي اللحنية لذلك تأتي مختلفة وفيها تجديد. لماذا تركت الغناء بالطريقة الشعبية؟ أي إنسان من الممكن أن يغني الفن الشعبي لأنه غير مضبوط بضوابط موسيقية صحيحة أو أي فكر وكل الفكرة أن هناك من يغني بجماعية وفقط.. ولكن أنا شعرت بأن الفن الشعبي سيقيد موهبتي. محمد أحمد عوض والكحلاوي وخلف الله حمد صنعوا مجدهم من الغناء الشعبي؟ هم نجحوا لأنهم كان مختلفين في لونيتهم الأدائية وتكنيكهم الأدائي وحتى غناء الحقيبة كانوا يتناولونه بإحساس مختلف. لماذا تركت الغناء واتجهت للتلحين؟ «الله يفتح عليك يا أخي سراج» زمان كان المستمع لا يريد أن «يشوف» شكل المغني بل يستمع له بغض النظر عن شكله.. ولكن الآن المستمع «داير يشوف شكل الفنان» ولا يهتم بأن يستمع لغناء.. وأصبحت سائدة ثقافة «البوستر».. وأنا مشكلتي مع الغناء أن المستمع لا يحبذ فنان مثل شكلي وهم يريدون الشباب «الوسيمين».. ووالله أنا لوغنيت الشباب ديل ما يغنوا معاي. بأي مدرسة موسيقية تأثرت؟ أنا تأثرت بالسمع وفقط وليس بفنان معين.. وما تسمعه من أغنيات هي من صنع شخصي الضعيف بداية من محمود عبد العزيز ومعتز صباحي وكل الشباب متأثرين بتجربتي اللحنية.. وأرجع للتاريخ ستجد أن كلامي صحيحاً ولو قمت بإجراء استفتاء سيقولون لك أن بلال عبد الله هو الأصل. الهادي الجبل هو الذي أثَّر على الأجيال الجديدة وهذا شيء معروف؟ أبداً.. وأرجو أن تقوم بعمل مناظرة موسيقية بيني والهادي الجبل حتى تتعرف وغيرك على من هو الذي أحدث التغيير في الموسيقى السودانية.. والهادي الجبل يعلم تماماً بأنني صاحب استايل في الغناء والموسيقى ولكن أنا لا أحب الإعلام وهو أصلاً لم يمنحني فرصة لعرض تجاربي. رغم جمال ألحانك ولكنك كاسم بعيد عن المستمع وغير معروف؟ لأنني لم أفكر في حكاية التلحين إلا أخيراً ولكن حينما أحسست أن المستمع لا يريد فنان «شكلو شين» اتجهت للتلحين.. وأحمد الله أنني أسست لمدراس وأصوات جديدة مثل معتز صباحي ومنال بدر الدين ووليد زاكي الدين. بماذا تأثر هؤلاء الشباب من تجربتك الفنية؟ تأثروا هم بطريقة أدائي، لأني أقوم بخلق لحن جديد ومواكب وخط أدائي في الغناء وأنا لا أمنح الفنان فقط اللحن حتى يغني بمزاجه ولكن أمنحه حتى الطريقة الأدائية. هل أنت مؤلف موسيقى أم ملحن؟ أنا يا عزيزي سراج أعتبر نفسي ملحناً وليس مؤلفاً للموسيقى.. متخصص في إنتاج الأفكار الموسيقية الجديدة.. ومؤلف الموسيقى له وظيفة معينة مثلها والتوزيع الموسيقي وهي تخصصات تدرس في الكلية ولكن التلحين لا يدرس مطلقاً لأنه موهبة من الله. ما هي الكيفية التي ترى بها مشروعك اللحني حتى يكون متميزاً وغير مكرراً؟ أنا أصلاً أقوم بتلحين القصيدة من مفرداتها ومحتواها ومضمونها الذي ينضح بالموسيقى وأي مفردة إذا لم أحس بها تتراقص أمامي لا أقوم بتلحينها ثم أقوم بعد ذلك بعملية البناء اللحني. أنت ملحن مضطرب «بتقلع» ألحانك من الفنانين؟ أنا الى الآن لم «أقلع» لحن من أي فنان.. ولكن الفنانين يحبون أنفسهم دائماً لأن الملحن هو الذي يصنع الفنان.. وأنا أعتبر أي فنان مجرد «آلة تقوم بتنفيذ أعمالي وأفكاري الموسيقية مثله و»الطبلة» أو الأورغن.. لأنني كملحن صاحب الأصل في الفكرة الموسيقية.. ولكن الفنانين تميزهم الهالة الإعلامية والأسماء. لماذا أوقفت صباحي من ترديد ألحانك؟ أنا لم أمنعه ولكن مع وقف التنفيذ ولكن «بيناتنا في حساب» لأنه من المفترض أن يمنحني حقوقي.. لأنني صبرت عليه وصنعت منه فنان في لحظة تنكر الجميع له وإشكالاته مع الملحن مجاهد السيمت الذي قام بمنع صباحي من ترديد ألحانه.. وأنا منحت صباحي عشرة أغنيات عبرت به من حالة التوقف ولكن صباحي لم يقدر ذلك وقام بالتوثيق لنفسه وهو أصلاً غير ملحن وأهمل كل ألحاني. كيف يمكن أن نعبر بالموسيقى السودانية لبراحات جديدة؟ نحن نحتاج لتولفية بعمل لحن سوداني له قدرة أن يعبر عن الموسيقى السودانية.. أو يمكننا أن نعمل خلطة ما بين الشرقي والغربي حتى نخاطب الآخرين بموسيقانا.. أو نقوم بتطوير الغناء الشعبي السوداني مثل البالمبو والمردوم والسيرة. أرجو أن تحدثنا عن مشاركتك في مهرجان ميلاد الأغنيات؟ مشاركتي ثرة جداً هذه المرة.. ودعني أقول لك إن لجنة التحكيم هذه المرة متميزة وحصيفة.. وهم لا يظلمون أي مشارك وحتى الآن اختياراتهم سليمة. التعاون مع ياسين وخنساء وأصواتهم غير المستقرة؟ ياسين وخنساء من الثنائيات المدهشة ولهم طريقة أدائية مختلفة وهم ما شاء الله لهم خبراتهم رغم صغر سنهم وأنا لم أجد صعوبة في التعاون معهم.. ويمكنهم التعامل مع أصعب الألحان لأنهم يتمعتون بوعي وإدراك ولهم قدرة المناقشة في كل شئ.. وهم في مهرجان ميلاد الأغنيات بمثابة الشكل المختلف نسبة لتعاملهم مع موسيقى صعبة ونص أصعب. كيف تتوقع لألحانك التي تم اختيارها للمنافسة الختامية. أتوقع لألحاني مواقع متصدرة ومتقدمة لأنني أعتقد بأنني ملحن مختلف.