من المواظبين على الكتابة في المواقع الإلكترونية السودانية المختلفة وأحياناً في الصحف السيد شوقي بدري وهو من أسرة بدري المعروفة التي قدمت للوطن جامعة الأحفاد وواضح أنه يحب أم درمان فقد كتب عنها كثيراً. وكتب في السياسة أيضاً، وفي بعض كتاباته - مع الفارق في الأسلوب - فإنه يذكرني بالصحفي المخضرم رئيس تحرير جريدة «الأمة» في ستينيات القرن الماضي الأستاذ محمود إدريس. فبعد الإطاحة بالنظام المايوي في أبريل 1985م كان محمود إدريس يكتب عموداً يومياً في جريدة الأيام وكان باستمرار ينسب كل الأخطاء والمصائب والكوارث الى جعفر نميري شخصياً وليس الى النظام المايوي والى درجة أنني تصورت أن بين الرجلين أمراً شخصياً عويصاً أو خلافاً شخصياً مستفحلاً خاصة وأن للأستاذ محمود علاقة بودنوباوي وأنه يعرف الرئيس نميري منذ أيامهما أطفالاً. وتفيض كتابات شوقي بدري بكراهية الرئيس نميري ومعها كراهيته للإنقاذ، وهو لا يذكر اسم نميري إلا مسبوقاً بالديكتاتور والسفاح وهو ما كان يتردد في الصحافة السودانية في الشهور القليلة التي تلت سقوط النظام المايوي في 6 ابريل 1985م ثم عاد السودانيون أو كثير منهم يذكرون اسم رئيسهم السابق مجرداً، نميري أو الرئيس نميري وعندما مات في مايو 2009م كان العنوان الرئيسي لجريدة الخرطوم هو «الرئيس القائد يترجل عن 79 عاماً» وكان اختيار هذا العنوان يعني الكثير. «إلا» شوقي بدري فإنه مازال يكتب عن السفاح نميري، وهو كثير الإعجاب بشوقي آخر هو شرقي ملاسي المحامي البعثي وكأن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب ديمقراطي من شاكلة الأحزاب الديمقراطية الحقيقية مثل حزبي المحافظين والعمل البريطانيين، والحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري في الولاياتالمتحدةالأمريكية. لقد وصل حزب البعث الى السلطة في بلدين عربيين وإنما عن طريق الانقلاب العسكري وأحد هذين البلدين هو العراق ولم يكن الذي نفذه البعث العراقي إنقلاباً واحداً وإنما كانت ثلاثة انقلابات وكانت جميعاً انقلابات دموية. ففي المرة الأولى اشترك حزب البعث مع عبدالسلام عارف ومجموعته في تنفيذ انقلاب عسكري في فبراير 1963م أدى الى الإطاحة بالرئيس عبدالكريم قاسم ثم بعد بضعة شهور انقلب الرئيس عارف على البعثيين وأطاح وزج بهم في السجون. وفي 17 يوليو 1968م اشترك حزب البعث مع الضابطين عبدالرازق النايف وعبدالرحمن الداؤود والوحدات التابعة لهما في تنفيذ انقلاب عسكري أطاح بالرئيس عبدالرحمن عارف لكن البعثيين بعد أيام أبعدوا النايف والداؤود وانفردوا بالأمر ثم إنفرد به صدام حسين وكان ديكتاتوراً وما أكثر من قتل. لكن أياً من الشوقيين، بدري أو ملاسي لم يقل قط إن الرئيس صدام ديكتاتور أو سفاح، فالديكتاتور والسفاح عندهما هو الرئيس نميري، وعلى طريقة الشاعر المصري صلاح جاهين نقول: عجبي؟!