مشهد رقم (1) { والعيد السعيد يطل علينا في قادم الأيام مرسوماً بألوان الفرح ومزداناً بكرنفالات السعادة والونسة في البيوت لا تحلو إلا عن التحضيرات والتجهيزات والتغيرات التي تطال الجدران والأثاث والمفروشات والبعض يجعل من المناسبة فرصة للجديد والتجديد فينفق ويغدق في الإنفاق ليشترى سعادة تخاطب وتغازل السمع والشوف حتى وإن لم يكن محتاجاً لقلب صفحة المضار في حياته لكن من باب «النيولوك» ينفق ما ينفق ويصرف ما يصرف وهو هانئ سعيد طالما أن داره الأنيقة مقفولة عليه لا تغشاها السموم ولا يدخلها البعوض ولا يعرف لها الذباب والهوام منفذاً ومدخلاً!! مشهد رقم (2) { والعيد السعيد يطل علينا في قادم الأيام مرسوماً بألوان باهتة ملتحفاً سوار الحزن ودمع المصيبة والونسة في ما تبقى من بيوت شايلة هم الليل ووحشته وهم البحث عن ستر البنات والوليدات ولو في ضل حيطة آيلة للسقوط ضربتها الأمطار والسيول وكأنها تستكثر على ساكنيها حالة الرضا التي تعايشوا معها وهم راضون بالقليل حتى لو أن القليل رغيفة خبز وحبة فول. { المشهد الثاني ليس في باكستان ولا على أطراف نهر السند لكنه قريب منا بدرجة تجعلنا نشعر بالقشعريرة كيف أننا لم نتفاعل ولم نحرك ساكناً بجهد حكومي أو بجهد شعبي خالص نحو بيوت سودانية كانت آمنة حتى مطلع هذا الأسبوع أو ربما قبله بقليل لكنها استوت مع الارض إما لأن معدل الأمطار كان فوق العادة وإما لأن حظ هذه البيوت العاثر أنها بُنيت على ظهر أحياء (كمين) تصريف المياه هو آخر ما خطط لها مخططوها والمسؤولون عنها حتى اللحظة. { ولأن ما حدث قد حدث لا نريد أن نضيع وقتاً في البحث عن المتسبب في المشكلة طالما أن المشكلة قائمة وتبحث عن حل. { فيا سادة من حكومة ورجال مال وأعمال ومديري مؤسسات وبنوك وشركات، ماذا أنتم فاعلون حيال هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة وأُسر سودانية بالعشرات هي الآن على أطراف الخرطوم القريبة تلتحف السماء وتتوسد طين الأرض؟ أين أنتم يا نواب البرلمان أولئك الذين دخلتم القبة الحصينة بأصوات هؤلاء الغلابى والكادحين الما مستنين منكم تنزلوا عن عربات «البرادو» الفارهة لتمرغوا أحذيتكم الفاخرة بطين السامراب ونبتة وغيرها من الأحياء، هم فقط محتاجون أن تكونوا صوتهم المسموع وقلبهم الموجوع الذي يشعر بمحنتهم الإنسانية فيتفاعل معها لأنها مصيبة ما بعدها مصيبة أن يفقد أحد داره التي بناها بعرق السنين وربما بدموع الغربة وآهات البعاد والشوق للوطن والبلد ويجد نفسه في العراء لا مال ولا متاع ولا قبضة قروش «ترقد» قلبه لبكرة. { أعتقد أننا بهذا «الطناش» الذي نمارسه تجاه محنة أصابت أبناء هذا البلد الطيب ندق مسماراً آخر في نعش العلاقات الإنسانية التي كا نت تميز المجتمع السوداني عن أي مجتمع آخر. والأسوأ من الطناش الشعبي هو الطناش الرسمي وعدم الإيفاء باحتياجات الناس وغوثهم وهم كالغريق الما لاقي قشة يتعلق بيها ويا نواب البرلمان صح النوم!! كلمة عزيزة غلطة لا تُغتفر وليس لها ما يبررها وقع فيها الأستاذ السر قدور في الحلقة التي استضاف فيها الموسيقار بشير عباس وهو يتجاوز بالذكر اسم البلابل عن كل الأعمال التي قُدمت في الحلقة ولكأن قدور قد جامل بشير عباس في خلافه مع البلابل وهو خلاف ما كان ينبغي له أن يجد طريقاً الى برنامج توثيقي هو محل ثقة المشاهد السوداني في ما يتناوله من أعمال وأحداث. بالمناسبة أذكر تماماً أنني اتصلت عقب تصريحات بشير عباس النارية في حق البلابل وكيف سيلاحقهن بالبوليس حتى يمنع ترديد ألحانه، أذكر أنني اتصلت بآمال طلسم وسألتها عن رأيها فقالت لي بالحرف الواحد: «بشير عباس ده أبونا ومافي زول برد على أبوه»!! ولحظتها عرفت من أين استمد هذا الثلاثي الأسطوري جماله وإبداعه لأنه مبني على مُثل وأخلاق والفن والقيم كلٌ لا يتجزأ، لكن لا أدري لماذا يصر بشير عباس على هدم هذا البناء الفني التاريخي الذي وضع حجر أساسه وشيده مع البلابل ليكوّنوا واحدة من أعظم وأجمل ثنائيات الطرب في المشهد الفني، والتاريخ لا يقبل المغالطة ولا أحد يستطيع أن يغالط في أن البلابل جزء أصيل من هذه الأعمال بدلالة أن الشعب السوداني يحفظ كل ألحان بشير للبلابل لكن ربما لا يعرف اسم مقطوعة موسيقية واحدة له!! كلمة أعز في مواصلة لأدوار الكومبارس البرامجية قدمت رشا الرشيد وسهام عمر دورين في مسلسل (رايات الحق) أقل من الكمبارس نفسه، وحتى الجزئية التي ظهرتا بها، على قِلّتها، كانت باهتة ولا علاقة لها بالتمثيل في وجود وجوه عربية بارعة الأداء.