الدكتورة باربارا مايكل الناشطة الأمريكية في مجال الدراسات الإنسانية قدمت ورقة ضافية ومهمة في أمر التعايش بين القبائل الرعوية وتلك التي تمتهن الزراعة في الشريط الواقع بين الشمال والجنوب، وقدمت أفكاراً طيبة وردت في توصيات الورشة التي التأمت بفندق السلام روتانا في خواتيم شهر رمضان المعظّم من قبيل تقوية التعاون الاقتصادي بين الرعاة والجماعات المستقرة والمحافظة على البيئة ووفق القطع الجائر للأشجار ومنع الحريق وتصدير المنتجات الخاصة بالطرفين والتركيز على التعليم وتحسس الصراع قبل وقوعه برفع وتطوير مهارات القادة المحليين وأهمية الدراسات المسبقة للمشروعات التي تنفذ في تلك المناطق وإقامة مركز رئيس لجمع المعلومات. هذه التوصيات التي قدمتها الدكتورة باربارا بعد جهد استغرق شهرين أو أكثر لصالح القسم المدني للأمم المتحدة في السودان ليس فيها جديد ولكن الجديد أن الدكتورة قد حسمت أمر الاستفتاء لصالح انفصال جنوب السودان لأن الدراسة تحدثت عن حركة البدو بعد عملية الانفصال والتي سعت لها الولاياتالمتحدةالأمريكية بكل قوة. اتفاقية السلام الشامل التي وُقّعت في نيفاشا في العام 2005م فيها ظلم كبير لقطاعات واسعة من السكان الذين يعيشون في الشريط الحدودي بين شمال السودان وجنوبه ولم تراع حقوق أولئك الناس فكأن من خلقوا في تلك المناطق لم يخلقوا، وكل الارهاصات تشير إلى أن ثمّة حرب قادمة لا محالة بعد أن تحوّلت اتفاقية السلام الشامل إلى ظلم شامل فقد تحدث قائد الشرطة بولاية شمال بحر الغزال السيد أكوت إلى مجموعة من عُمد قبيلة الرزيقات في مايو المنصرم بعدم اعترافهم بالحدود التاريخية بين قبيلتي الرزيقات والدينكا وهناك محاولات جادة وحثيثة من الحركة الشعبية لتحرير السودان للعمل على استعداء قبيلة المسيرية بتدويل قضية أبيي. نعم فإن نُذر الحرب لتبدو في السلوك العدائي الذي تنتهجه الحركة الشعبية بالاستخفاف بالقبائل التي تشاركها الأرض والتاريخ والمصالح الاقتصادية وصلة الرحم وحتى الساسة من الأحزاب الأخرى غير المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ينظرون إلى المشهد السياسي أثناء وبعد الاستفتاء بصورة قاتمة وخطيرة. انظر للصحف السيارة وتصريحات الإمام الصادق المهدي وكذلك تصريحات زعيم المؤتمر الشعبي د. حسن عبد الله الترابي حيث قال «إن التاريخ سيعيد نفسه» بين الشمال والجنوب كما حدث في عام 1956م بين مصر والسودان مضيفاً: من الصعب قراءة المستقبل ولكن النُذر خطيرة جداً على البلاد وأن الأمر سيكون أسوأ من الصومال - صحيفة «الأهرام اليوم» 12 أبريل 2010م- أما المهندس إبراهيم موسى مادبو رئيس تحالف حركات سلام دارفور لم يكن أقل تشاؤماً من سابقيه فقد صرّح أيضاً تصريحات خطيرة بقوله الوحدة الجغرافية والاجتماعية هي خيارات مناطق التماس لأن الخيار الثالث هو الحرب فإذا لم نع هذه المخاطر ستشعل الحرب في أولى أيام الانفصال» انتهى. يجب على الشعب السوداني أن يقول كلمته في ظل هذا العبث الذي يمارسه السياسيون فهولاء يريدون تمزيق الوطن وتقطيع أوصاله وما نموذج الصومال عنا ببعيد. يجب علينا وبصوت عالٍ رفض البنود المجحفة في إتفاقية نيفاشا التي وُقُعت بليل وعدم الاعتراف بها. فالاتفاقية ليست جهداً سودانياً خالصاً ولكنها أكبر خدعة في التاريخ وهي تماماً كالدراسة التي أعدتها باربارا مايكل وكل ما في الأمر أن المفاوض الحكومي قد بصم عليها بأصابعه العشرة دون أن يكلّف نفسه عناء السؤال عن المركز الدولي الذي أعد هذه الاتفاقية الشؤم التي ظلمت قبائل التماس واستولت على حقوقهم. وتعمل الدكتورة باربارا لتعويضهم ببعض المسكنات والمخدرات للتعايش مع الظلم وهضم الحقوق. إن اتفاقية السلام الشامل هي عطاء من لا يملك لمن لا يستحق! ألم يكف شريكا نيفاشا الاستئثار بالسلطان وثروات البلاد خالصة دون بقية السودانيين، ألم يكف أهلنا في جنوب السودان أيلولة جنوب القطر كله وثلث السلطة في المركز، بل تقرع طبول الانفصال والحرب في نزعة أقل ما توصف بإنها الرغبة في التشفّي والانتقام إلى حد الانتحار. على شريكي نيفاشا أن يقدما مصلحة الوطن وتجاوز المرارات والعبور بالوطن إلى رحاب الوحدة فإن تكاليف تقسيم السودان باهظة الثمن وآن للأغلبية الصامتة في الشمال والجنوب أن تتحدث وبصوت عالٍ وبقوة لا للانفصال. يجب على الشعب السوداني أن يسيّر المواكب الرافضة لتمزيق الوطن فليس هناك خير يُرجى من تقسيم السودان واضعافه فبهذا السلوك نكون قد قدمنا خدمة للغرب الغاشم والذي تعوّد على زرع الفتن ونهب ثروات الشعوب وإذلال البشرية. فأننا ندعو الأحرار والوطنيين من أهل السودان أن يرددوا معنا بقوة دون خوف أو وجل لا للانفصال، لا للانفصال. أمير الرزيقات بولاية الخرطوم