مرت أمس الأول الثلاثاء الموافق 28 سبتمبر الذكرى الأربعون لوفاة الرئيس المصري جمال عبدالناصر وعلى ضريحه بالمسجد الذي حمل اسمه بمنشية البكري بالقاهرة توافد الناس، وكان منهم وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي وصديق عبدالناصر وكاتبه الأثير الأستاذ محمد حسنين هيكل وأسرة الرئيس الراحل وعلاء نجل الرئيس حسني مبارك. وخارج الضريح كانت الهتافات ومنها: (آه يا جمال وبقولها بحسرة باعوا القدس وباعوا البصرة). ومنها أيضاً: (آه يا جمال يا عود الفُل من بعدك ورونا الذُّل..) وتعكس الهتافات بعض ملامح الواقعين العربي والمصري، فمن الناحية العربية نجد أن القدس، الشرقية تحديداً مازالت في قبضة الاحتلال الإسرائيلي لكن مسؤولية احتلال القدسالشرقية تقع على عاتق الحُكّام العرب في ذلك الوقت من يونيو 67، وعلى حكّام دول الطوق خصوصاً، أي الملك الأردني الراحل حسين بن طلال وحزب البعث الحاكم في سوريا وعبدالناصر رئيس مصر. ورغم المفاوضات المباشرة التي تجري الآن بين السلطة الوطنية الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ورغم رعاية أقوى الدول، الولاياتالمتحدةالأمريكية، لهذه المفاوضات وسعيها لإقامة دولة فلسطينية على بعض فلسطين، ورغم إصرار الفلسطينيين على أن القدس - الشرقية طبعاً - هي عاصمة دولتهم المنشودة، إلا أن تحقيق ذلك وهو يمثِّل الحد الأدنى من المطالب العربية مازال حُلماً، بل يبدو أنه حُلم بعيد المنال ومن هنا كان هتاف المصريين أمام ضريح عبدالناصر انعكاساً لواقع عربي محسوس ترسف فيه القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، والبصرة والعراق كله تحت الاحتلال الأمريكي. وأيضاً عبّر أولئك المصريون في هتافهم المسجوع الآخر أمام ضريح عبدالناصر في الذكرى الأربعين لرحيله عن بعض الواقع المصري، فقد انتشر الفقر وقلت فرص العمل وازداد الفساد وانحسر الدور المصري القومي وازداد الأغنياء غنىً والفقراء فقراً وإلى آخره. لقد مات عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970م قبل أن يزيل آثار عدوان يونيو 67 وكان الإسرائيليون على الشاطئ الشرقي من قناة السويس على بعد مائة كيلومتر من القاهرة، لكن الناس - عرباً ومصريين - كانوا واثقين من مقدرته على تجاوز هزيمة يونيو الضخمة المُذلّة وبلغت الثقة في ذلك حداً جعل الأستاذ هيكل يطلق اسم النكسة على تلك الهزيمة في خطاب التنحي الشهير الذي ألقاه عبدالناصر يوم 9 يونيو 1967م وكان كاتبه هو هيكل.